الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة في فروع المالكية ***
والإقباض بالمناولة في العروض أو النفوذ، وبالوزن والكيل في الموزون والمكيل وبالتمكين في العقار والأشجار، أو بالنية فقط كقبض الوالد وإقباضه من نفسه لنفسه، والقبض هو الاستيلاء إما بإذن الشرع وحده كاللقطة والثوب إذا ألقاه الريح في دار إنسان، ومال اللقيط، وقبض المغصوب من الغاصب إذا قبضه من يزيل منكراً من حاكم، أو غيره، وقبض أموال الغائبين أموال بيت المال والمحجور عليهم والزكوات، أو بإذن غير الشرع كقبض المبيع بإذن البائع والمبتاع، والبيع الفاسد، والرهون والأثمان والصدقات، والعواري، والودائع، أو بغير إذن الشرع وغيره كقبض الغاصب. فرع: في الجواهر: القبض يوجب انتقال الضمان إلى المشتري فيما لا يضمن بمجرد العقد، إما مطلقاً أو شرط مُضي زمان ليتسع القبض على الخلاف في ذلك فيما فيه حق توفية كالمكيل أو الموزون أو المعدود، وما كان غائباً عن العاقدين حالة العقد على التفصيل المتقدم، وما بيع من الثمار على رءوس النخل قبل كمال الطيب، ويستثنى الرقيق حتى يخرج من عهدة الثلاث والمواضعة في الإماء، وما عدا ذلك فالعقد كافٍ في انتقال الملك في المتعين المتميز، قال المازري: هذا نقل أصحاب المذهب، قال: والذي يتحقق من المذهب أن تمكين المشتري من القبض ثم تركه اختياراً يوجب ضمانه، ويكون عند البائع كالوديعة وفيه خلاف، وقال (ش): الضمان قبل القبض من البائع سواء عرضه على المشتري أم لا؛ لأن اليد التي ليست للأمانة ضامنة إذا لم يتقدمها ضمان، فأولى البائع؛ لأن ضمانه لسلعته متقدم، وقال ابن حنبل: هي أمانة في يد البائع؛ لأن العقد قابل المشتري تارك لها عند البائع. فرع: قال صاحب البيان: إذا اشترى ثوباً فحبسه بالثمن فادعى تلفه، قال ابن القاسم: يفسخ البيع إلا أن تكون القيمة أكثر من الثمن فيغرمها؛ لأنه متهم، ويصدق في الحيوان الذي لا يغاب عليه، وقال أيضاً: عليه قيمة الثوب ما كانت، قال: والمشهور من قوله: إن المحبوس بالثمن رهن، وقوله في هذه المسألة مخالف لتضمينه البائع، وأنه متى ذهبت عينه انفسخ البيع، وهو قول مالك وجميع الأصحاب إلا ابن القاسم لعدم ترتب أثر العقد عليه، وإذا فسخنا فيعيد الثمن إلا أن يصدقه المبتاع إلا أن تكون القيمة أكثر فيلزم بها، أو يأتي بالمبيع. وكذلك تصديقه في الحيوان مع يمينه ويفسخ البيع على القول بأنه رهن فيكون في المحبوس بالثمن قولان، وإذا لم تقم البينة أربعة أقوال: يصدق مع يمينه كانت القيمة ما كانت، ويفسخ البيع قاله سحنون، ويصدق مع يمينه، ويفسخ البيع إلا أن تكون القيمة أكثر قاله ابن القاسم، ويصدق مع يمينه، ويثبت البيع، وعليه القيمة ما كانت وهو الذي يأتي على مشهور ابن القاسم؛ لأن العقد اقتضاء انتقال الملك ويصدق مع يمينه إلا أن تكون القسمة أقل فيتهم في دفعها وأخذ الثمن، وقال (ش) و(ح): تلف المبيع قبل القبض بأمر سماوي، أو بجناية البائع يبطل البيع؛ لأن القبض من تتمة البيع لنهيه عليه السلام عن بيع ما لم يقبض. وإذا لم يتم البيع بطل. وجوابه: أنه عليه السلام جعل الخراج بالضمان، فلو كان مضمونا على البائع لكان خراجه له، وليس كذلك اتفاقا، ثم إنا نمنع أن القبض تتمة البيع، بل البيع تم ومن آثاره استحقاق القبض، وقال ابن حنبل: المتلفات في ضمان البائع ولو كانت خراجا، والتلف بالأمر السماوي فسخ، وبفعل البائع أو الأجنبي يخير المشتري بين الفسخ والإمضاء وأخذ القيمة أو المثل إن كان مثليا. فرع: قال: إذا أقر المشتري في العقار للبائع باليد والملك قال سحنون: لا يلزمه أن يجوزه المبيع؛ لأن العقد كاف في انتقاله، قال: والصواب أن يلزمه كما إذا أقر له بالملك دون اليد، فإنه قد ينازعه وكيل البائع أو قريبه في تصديق ما يدعيه من البيع، ومصيبة الاستحقاق في الوجهين من المشتري عند ابن القاسم لإقراره بالملك، وخالف أشهب؛ لأن الإقرار لا يكون عن ظن يبطل، وإن أقر باليد دون الملك لا يلزم البائع التجويز على قول سحنون، والصواب: اللزوم كما تقدم، ومصيبة الاستحقاق من البائع لعدم الإقرار بالملك، وإن لم يقر باليد ولا بالملك لزمه التجويز، وإنزاله فيه اتفاقا، ومصيبة الاستحقاق من البائع والطارئ بعد العقد وقبل القبض من هدم، أو غيره من المشتري إلا على قول أشهب: إن السلعة المبيعة من البائع إن قبض الثمن وطال الأمر ما لم يقبضها المبتاع أو يدعوه البائع فيأبى، ولهذا الخلاف يكتب في الوثائق ونزل المبتاع فيما ابتاع وأبرأ البائع من درك الإنزال لحصول الاتفاق على البراءة. فرع: قال: ومن حق المبتاع إملاكاً في قرية أن يطوف به البائع عليها، وينزله فيها بشاهدين مخافة أن يستحق شيء منها فينكره البائع بيع ذلك المستحق، فلكل واحد من المتبايعين حق في الإنزال إذا دعا إليه قبض له البراءة من الضمان وخوف المدافعة. فرع: لو قبض البعير فسرق فأعلم البائع فحط عنه بعض الثمن لأجل المصيبة، ثم وجده، رجع البائع فيما وضع لانتفاء السبب، وكذلك لو حط عنه لسبب الخسارة فربح، أو خشية الموت من مرض حدث فعوفي، فإن جميع ذلك كالشرط. فرع: قال: لو ذهب ليأتي بثمن الشاة فباعها البائع، ثم نازع المشتري الأول المشتري الثاني فتنازعا الشاة فماتت في أيديهما قال أصبغ: ضمناها معا إن كان موتها منهما ، فإن صحت للثاني غرم له نصف القيمة أو الأول غرم له، ورجع على البائع بما دفع إليه، ومعنى ذلك: أن كل واحد منهما يدعي أنه الأول، وتصح للثاني إما بإقرار الأول أو بالبينة، أو تعارضت البينتان فتحالفا فنكل الأول فيرجع الأول على البائع بما زادت القيمة أو الثمن الذي باع به من الثاني على ثمنه؛ لأنه مقر بأنه باع من أحدهما بعد الآخر، وقد قيل: للأول نصف الشاة فهو قبض لها، ويخير في النصف الذي قبله الثاني بين إجازة البيع وأخذ الثمن؛ لأنه بيع فضولي، وبين أخذ قيمته من البائع أو المبتاع، فإن أخذ من البائع رجع على المشتري الثاني. فرع: قال: إذا اشترى مائة فدان من زرع بخمسة الفدان من ناحية عرفها، ثم جاء ليقيس فقيل له: بقي مائة أخرى فاشتراها بعشرة الفدان فوجد الجميع مائة وسبعين، فيجعل النقص من البيع الثاني؛ لأن الأول أولى لتقدمه، وكذلك الطعام، وقيل: يتحاصان في النقصان؛ لأن الطعام في ضمان البائع فأشبه الديون تقع المحاصة فيها، قال: والأول أظهر، ولو اقتصر على المائة فهلكت بنار قبل القياس فمصيبتها منه؛ لأن قياس الأرض بعد ذلك ممكن، والمشهور أنه من البائع لعدم الحرز، ويتخرج جواز بيع المشتري لهذا القمح قيل القياس على الخلاف. فرع: قال: المعلوم من قول مالك وأصحابه لزوم أجرة الكيل للبائع لوجوب التوفية عليه، ولقوله تعالى: (فأوف لنا الكيل) فدل على أن الكيل على البائع؛ لأن شرع من قبلنا شرع لنا حتى يدال الدليل على نسخه، وقاله (ش)، وجعل أجر الثمن على المشتري وهو مقتضى المشهور عندنا، وقال (ح): أجرة ملء المكيال على البائع، وتفريغه على المشتري بناء على أن الملء كاف في القبض دون التفريع، وعندنا أيضا في اشتراط التفريغ قولان، ينبغي أن يتخرج الخلاف في الأجرة عليهما. وكان مالك يقول: على المشتري؛ لأن الثمن إنما قوبل بالمبيع فعلى هذا يلزم البائع الكيل لنفسه، والمشهور من قوله: إن جزاز الصوف وجذاذ الثمرة، وزع الحلية المبيعة وحدها على المشتري؛ لحصول التخلية، قيل: من قبل البائع، وقيل: الجزاز على البائع والضمان منه؛ لأنه توفية، ولكل واحد منهما اشتراط الضمان، والجزاز على الآخر، واشتراط الجزاز فقط، ولو باعه الغنم دون الصوف، أو السيف دون الحيلة، أو الحائط دون الثمرة، لكانت اياية ذلك على البائع اتفاقا حتى يخلص المبيع للمشتري. فرع: قال: منع مالك كسر الكيل؛ لأنه يختلف، بل يخلى على حاله، فإذا ملأ المكتل ودفعه للمشتري ليفرغه فانكسر من يد المشتري ضمنه المشتري عند ابن القاسم وسحنون، بخلاف ما إذا انكسر من يد البائع لعدم الوصول للمشتري، ولو ملأ البائع الوعاء فدفعه للمشتري ليفرغه في بيته فانكسر ضمنه؛ لأنه مستعير له. فرع: قال: إذا كال البائع بعض الزيت فوقع في المكيال فأرة، فكال المشتري بإذن البائع فقتل الفأر بالصب فمصيته من المشتري، وكذلك لو كال البائع وصب بإذن المشتري؛ لأن الفساد بأمره، فإن كال له بعض الزيت ثم سقط المكيال من يده على إناء المشتري فكسره وذهب ما في المكيال وما في الإناء قال ابن القاسم: ضمن البائع الجميع: المكيال لعدم التوفية، والإناء بالإتلاف، بقي عند البائع من ذلك الزيت شيء عوضه، وإلا حاسبه بحصته من الثمن، ويغرم له ما في المكيال إن بقي عنده من ذلك الزيت شيء، وإلا حاسبه، وزيت الإناء يغرم مثله من ذلك الزيت ومن غيره؛ لأنه متلف بعد القبض، فإن كال لنفسه ضمن ما في الإناء؛ لأنه قبضه، وضمن البائع ما في المكيال للزوم تمام القبض، والمشتري إنما يضمن بعد القبض، فإن كال لهما أجنبي ضمن ما في الإناء، وضمن البائع ما في المكيال إذا لم يتسبب الكيال بتفريط فإن اشترى مائة قسط زيتا فكال له خمسين، ثم كال من جرة أخرى فإذا فيها فأرة، فضمان الأولى من المبتاع؛ لأن البائع إنما صب بأمره، إلا أن يعلم بموت الفأرة. فرع: قال: إذا اشترى طعاما غائبا على الصفة والكيل، فضمانه من البائع حتى يقبض اتفاقا، ولا يدخله اختلاف قول مالك في ضمان الغائب؛ لأجل ما فيه من التوفية، فإن وضع الثمن على يد أمين فهلك فمن البائع إن وجد الطعام على الصفة؛ لأنه ملكه بالعقد ولم يبق له توقيه، وإلا فمن المبتاع لعدم تحقق البيع، فإن تعدى البائع عليه فباعه عليه بشراء مثله توفية بالعقد، وتكون مصيبة المال منه؛ لأن إتيان مثله يقوم مقام قبض المبيع فيكون الثمن منه، فإن نقده الثمن بغير شرط لا يخيره ابن القاسم بين أخذ الطعام أو الثمن؛ لأنه كبيع الطعام قبل قبضه، ويخسره أشهب؛ لأنها إقالة، ولعل ابن القاسم تكلم على إذا لم يعرف عداوة بقوله، وأشهب إذا عرف فذلك. فرع: قال: قال ابن القاسم: إذا حضر المشتري الكيل ثم اشترى فلا بد من كيل البائع له مرة أخرى، إلا أن يشتريه على التصديق فليس له المطالبة بالكيل؛ لأن العقد يوجب الكيل حتى يسقطه المشتري، فإذا صدق سقط الضمان، وليس له رده إلا برضاه، وكذلك إذا اشتراه على الكيل ليس له التصديق إلا برضاه؛ لأنه يقول: أخشى أن يغيب عليه ثم يدعي النقصان، ويجوز لمن اشترى على الكيل أن يبيع على التصديق إذا باعه نقدا، وإن اشتراه على التصديق، فقال ابن القاسم: يجوز بيعه قبل كيله، والغيبة عليه على الكيل وعلى التصديق، وعن مالك: لا يبيعه على الكيل ولا على التصديق حتى يكيله أو يغيب عليه، قال: ولو قيل: لا يبيعه قبل كيله، وإن غاب عليه؛ لأنه إن غاب عليه قد يدعي نقصه، قال سند عن ابن القاسم: كراهة التصديق لما يؤدي إليه من الخصومة، فإن نزل وادعى المبتاع نقصا غير معتاد لم يصدق إلا ببينة فيرجع بحصته من الثمن ما لم يكن جدا فله باقي الطعام لذهاب جل المقصود، فإن قال المبتاع: ما نقص علي تمامه إن التزمه من طعام معين في صفته وجنسه جاز أيخالفه لم يجز للجهل بمبلغ ذلك واختلاف الأغراض، فلا يعلم المبيع أولا ما نسبته من هذا، وإن التزمه في ذمته اغتفر في اليسير، وإذا جوزنا البيع على التصديع منع ابن حبيب ذلك في طعام بطعام من غير جنسه لعدم المناجزة بتأخر الاختيار بعد التفرق، وأجازه ابن القاسم؛ لأن مصيبة كل طعام من بائعه، فهو مقبوض كالجزاف، ومنع الأئمة بيع الطعام على التصديق؛ لأن الكيل شرط عندهم ولم يوجد. فرع: في الكتاب: إذا أمرته بالكيل وفارقته فزعم أن فعل وأنها ضاعت، فإن صدقته في الكيل وقامت بينة عليه صدق في الضياع، وإلا لم يلزمك إلا ما أقررت به من الكيل؛ لأن الأصل: عد انتقال الضمان إليك. فرع: قال: هلاك الصبرة بعد العقد منك؛ لأن العقد اقتضى ضمانها ونقلها إليك، ولك على المتعدي قيمتها كان البائع، أو غيره. وإن ابتعتها على الكيل كل فقيز بكذا فهلكت قبل الكيل بأمر الله تعالى فمن البائع؛ لأن فيها حق توفية، فإن تعدى عليها البائع، أو باعها فعليه مثلها جزافا، فيوفيكها على الكيل، ولا خيار لك في أخذ ثمنك؛ لأنه كبيع الطعام قبل قبضه، وإن استهلكها أجنبي غرم مكيلتها إن عرفت، وإلا فقيمتها للبائع يشتري بها طعاما مثله فيوفيك إياه، وليس بيعا للطعام قبل قبضه؛ لأن القيمة لغير بيعتك، ولأن التعدي وقع على البائع بعد الكيل منك. فائدة: قال صاحب التنبيهات: الصبرة من الحبس؛ لأنها حبست عن الكيل من الصبر الذي هو حبس النفس، أو من وضع الشيء بعضه على بعض، ومنه: الصبر للسحاب الكثيف. قال اللخمي: إذا أخذت القيمة من الأجنبي فلم يشترها حتى غلا الطعام لم يلزم البائع غير ما يشتري بالقيمة، وينفسخ البيع في الثاني كالهالك بأمر من الله تعالى، وإن حال برخص ترك الفاضل للبائع؛ لأنه في ضمانه فله رخصة، فإن كال الهالك معدما لم يلزم البائع شيء وللبائع فسخ البيع، ولا يلزمه الصبر إلى يسار المتعدي، فإن رضي به لا مقال للبائع، وإن رضي البائع بغزم مكيلة ما يشتريه بالقيمة لزم المشتري، وقال أشهب: إذا غرم الأجنبي للبائع القيمة انفسخ البيع، وليس للمشتري إلا ثمنه، إلا أن يغتر المتعدي بعدد كيله فيخير رب الصبرة بين ما أقربه بعد يمينه، وبين القيمة فيتخير المشتري حينئذ بين المقر وبين ما يشتري بالقيمة، ومتى فسخ البيع، فإن جهل الهلاك هل كان بأمر سماوي أو من متلف؟ فقال ابن القاسم: لا يصدق، عليه أن يوفى ما باع، وإن أهلكه المشتري وعرف مكيلته غرم ثمنه، وإن جهل غرم ثمن ما يقدر منه. فرع: قال اللخمي: فإن احتبس الصبرة بالثمن: فلما لك في كونها من البائع أو المشتري قولان، فعلى القول بأنها من المشتري فالجواب كما تقدم فيما إذا امكنه منها، هذا إذا كان هلاكها من الله تعالى، فإن أهلكها البائع قيل: يخير المشتري بين فسخ البيع لأنه حال بينه وبين المبيع وبين القيمة ودفع الثمن، وقال ابن القاسم: القيمة ما بلغت، وعلى القول بأن المصيبة من البائع ينفسخ البيع إن هلكت بأمر من الله تعالى أو أجنبي، ويطالب البائع الأجنبي بالقيمة إلا أن تكون أكثر من الثمن فيغرم الثمن؛ لأنه أبطل المطالبة، وإن هلكها البائع؛ لأن المشتري فسخ البيع، ويختلف هل له تغريم البائع القيمة أو الثمن إن باعها؟ فعلى قول أشهب: ذلك له وليس له عند ابن القاسم؛ لأنه بيع الطعام قبل قبضه؛ لأنه كان في ضمان بائعه، وإن أهلكها المشتري كان رضا بالقبض، وإن باعها بائعها فعلى الكيل على القول أن المصيبة من المشتري يخير بين إجازة البيع وأخذ الثمن، وهو تغريم البائع مثل ما يوجد فيها، وعلى القول بأنها من البائع: يأتي بثمن ما وجد فيها من الكيل، ويختلف هل له الإجازة وأخذ الثمن أم لا؟ فرع: في الجواهر: تلف بعض الطعام يوجب الإنفساخ في ذلك القدر وسقوط قسطه من الثمن، إلا أن يكون جل الصفقة فيخير المشتري بيت فسخ البيع، فإن استوى ففي تخييره قولان. فرع: قال: الضمان في عقد الخيار من البائع؛ لأنه باق على ملكه إلا أن يكون في يد المبتاع ولا تصدقه بينة، والمبيع يغاب عليه فيضمنه للتهمة فيه، قال ابن نافع: إلا أن يكون الخيار للبائع خاصة فيضمن لاختصاصة بالمنفعة، وإذا قلنا بالضمان فهل بالثمن، أو القيمة؟ أما إن كان الخيار للبائع: فعند ابن القاسم بالثمن إلا أن تكون القيمة أكثر ما لم يحلفه، فلا يضمن إلا الثمن، وعند أشهب يضمن الأكثر منها، وأما أن كان الخيار للمشتري فعند ابن القاسم: يضمن الثمن، وقال أشهب: الأقل منهما لا الأصل براءة ذمته، وله فسخ العقد عن نفسه إلا أن يحلفه إذا كانت القيمة أقل وأراد غرمها: لقد ضاع، فإن نكل غرم الثمن، ومنشأ الخلاف: تغليب حكم البيع، أو حكم التعدي. فرع: قال اللخمي: إذا كان المبيع ثوبا بوثب فعلى كل واحد منهما إذا تشاحا أن يمد يده إلى صاحبه بثوب، أو ثوب معين، فعلى المشتري وزن الثمن ونقده، فإذا لم يبق إلا تسليمه يمد كل واحد يده الأول؛ لأن نسبة العقد اليها نسبة واحدة، وعن مالك: إلزام البائع بتسليم الثوب أولا إذا كان المشتري موسرا وقاله (ش) وابن حنبل؛ لأن حق المشتري متعلق بعين، وحق البائع متعلق بالذمة، والحق المعين أقوى مما في الذمة، ولأن البائع لو أمسك كان كالمتعدي في إمساك المعين، أو يصير إمساكه كالرهن، والرهن لا يكون إلا بشرط، وإن كان المشتري فقيرا، أو غريبا فله الإمساك خشية فوات الثمن، والضمان فيه من المشتري، وقال (ح): يخير المشتري على التسليم أولا؛ لأن المبيعات مقاصد، والأثمان وسائل، والوسائل أضعف من المقاصد فتحمل على صاحبها، فإن كان المبيع دارا، أو عرضا خير المبتاع على دفع الثمن، وليس على البائع أكثر من رفع يده وتفريغ المكان من أثقاله. فرع: قال: وفي اشتراط تفريغ المكيل والموزون في وعاء المشتري في نقل الضمان إليه قولان لمالك، وبه قال ابن القاسم و(ش)، وعن ابن القاسم: إذا ولي المشتري الكيل لنفسه أو الوزن فهلك بعد استواء الميزان أو الكيل: الضمان من المشتري، وقاله (ح)، ومنشأ الخلاف: هل المقصود من القبض تعين مقتضى العقد، وقد حصل التعين قبل التفريغ، أو تمكين المشتري من الانتفاع والتحويل؟ وذلك إنما يحصل بالتفريغ. فرع: قال صاحب البيان: إذا اشترى غنما فيها مريضة بشرط الخيار في المريض عشرة أيام، إن ماتت فمن البائع بما ينوبها من الثمن، وإن لم تمت فهي من المبتاع لم يجز للغرر في هذه الشاة، وكذلك لو كانت غير مريضة واشترط الخيار فيها؛ لأنه يردها بالقيمة إن ردها فيصير الثمن مجهولا. فرع: قال: يستثنى من عدم ضمان الجزاف على البائع ما يشترى من السقائين فيهلك قبل الوصول إلى المشتري فضمانه من السقاء؛ لأنه العادة، قاله مالك، وقال أصبغ: من المشتري؛ لأنه جزاف، ويحتمل التضمين أن يكون بموضع لا قيمة للماء فيه فيكون المبذول حمولة. وفيه فصلان: وفي الجواهر: لا يقف شيء من التصرفات على القبض إلا البيع فيمتنع في بيع الطعام قبل قبضه، لقوله عليه السلام في الصحاح: (من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه) فيمتنع فيما فيه حق توفية من كيل أو وزن أو عدد، إلا في غير المعلومة كالقرض والبدل، ثم لا يجوز لمن صار إليه هذا بيعه قبل قبضه، وأما ما بيع جزافا فيجوز قبل النقل إذا تخلى البائع بينه وبينه لحصول الاستيفاء، ومنع (ش) و(ح) لقول ابن عمر رضي الله عنهما: كنا نبتاع الطعام على عهده عليه السلام فيبعث علينا من يأمرنا بنقله من المكان الذي نبتاعه فيه إلى مكان سواه، وقال ابن عمر رضي الله عنهما: كنا إذا ابتعنا طعاما جزافا لم نبعه حتى نحوله من مكانه، قال سند: قال عبد الوهاب: التخلية قبض في الجزاف، قال الباجي: مراده بالتخلية التوفية فعلى هذا إذا حبسه بالثمن يمتنع بيعه، وعن مالك: منع بيع الجزاف قبل قبضه، ويحتمل أن يريد بالقبض التخلية، ويحتمل الحوز والنقل، وفي الجواهر: والمشهور اختصاص المنع بالطعام، ونعيمه فيه، وقال ابن حبيب: يتعدى لما فيه حق توفية لنهيه - عليه السلام - في الترمذي عن ربح ما لم يضمن. قال فيه الترمذي: صحيح، وأشار ابن وهب في روايته إلى تخصيصه بالربوي من الطعام، وقال (ش) و(ح): يمتنع التصرف في المبيع قبل قبضه مطلقا، واستثنى أبو حنيفة العقار؛ لأن العقد لا يخشى انفساخه بهلاكه قبل القبض، قال صاحب القبس: في البيع قبل القبض ستة أقوالا: المنع مطلقا (ش): المنع إلا في العقار، (ح): يختص بالربوي يعم المطعومات إلا الجزاف ويخصها، مشهور مالك: يختص بالمطعومات والمعدودات، لعبد العزيز بن أبي سلمة: يعم المطعومات والجزاف، ووافق المشهور ابن حنبل، احتجا بأنه عليه السلام لما بعث عتاب بن أسيد أميراً على مكة أمره أن ينهاهم عن بيع ما لم يقبِضوا، وربح ما لم يضمنوا. وللحديث الذي صححه الترمذي سابقاً، والقياس على الطعام، والجواب عن الأول معناه: نهيه عليه السلام عن بيع ما ليس عندك، فنهى الإنسان أن يبيع ملك غيره، ويضمن الخلاص، ودليله: قوله عليه السلام: (الخراج بالضمان) والغلة للمشتري فيكون الضمان له، فما باع إلا مضموناً، فما تناول الحديث محل النزاع، وهو الجواب الثاني، والجواب عن الثالث: أن الطعام أشرف من غيره لكونه سبباً لقيام البنية وعماد الحياة، فشدد الشرع فيه على عادته من تكثير الشروط فيما عظم شرفه، كالشرط الولي والصداق في عقد النكاح دون عقد البيع، ويشترط في القضاء ما لا يُشترط في منصب الشهادة، ثم يتأكد ما ذكرناه بمفهوم نهيه عليه السلام عن بيع الطعام حتى يستوفى. ومفهومه: أن غير الطعام يجوز بيعه، وما لا توفية فيه كذلك، فيجوز الجزاف من الطعام، وبقوله تعالى: (وأحل الله البيع). سؤال: أدله الخصوم عامة في الطعام وغيره، والقاعدة الأصولية: أن ذكر بعض أنواع العموم لا يخصصه، فالحديث الخاص بالطعام لا يخصص تلك العمومات، فإن من شرط المخصص أن يكون منافياً، والجزء لا يُنافي الكل، والقاعدة أيضاً: أن الخاص مقدم على العام عند التعارض (وأحل الله البيع) أعم من أدلة الخصوم فتقدم تلك الأدلة عليها، والاعتماد في تخصيص تلك الأدلة على عمل المدينة لا يستقيم مع الخصم؛ لأنه لا يسلم أنه حجة فضلاً عن تخصيص الأدلة به. فرع: قال اللخمي: اختلف في الجزاف إذا كان من ضمان البائع، كمن أسلم في لبن غنم شهراً جزافاً قال ابن القاسم: لا يبيعه حتى يحلبه كان حلابُه كالتوفية، وأجازه أشهب لعدم احتياجه إلى العيار، قال سند: ليس المراد بمنع بيع الطعام، ما سمي طعاماً، فالماء الأجاج ليس مراداً إجماعاً، وإن كان بيت الملح الذي هو طعام، وفي الموازية: ليس بزر البصل والجوز والبطيخ والقرع والكراث من الطعام، وقال ابن القاسم في حب الغاسول: ليس طعاماً، وإن كانت الأعراب تأكله، والفرق بين التفاضل والبيع قبل القبض في الفواكه والخضر: أن الحاجة إلى التفاضل فيها آكد من الحاجة إلى البيع قبل القبض؛ لأن الإنسان قد يقصد استبدال الكثير الأدنى بالخير القليل، والغالب في هذه الأمور القبض عند العقد فلا حاجة لبيعها قبل قبضها. فرع: قال: إذا وقع بيع الطعام قبل قبضه منع المتأخرون قبضه، فإن قبضه فالقياس: الرد إلى البائع الثاني؛ لأن الأول قد برئ منه لما قبضه الأخير، لأنه كقبض وكيله، وهو ظاهر الموازية، وفي السليمانية: يرد للبائع الأول ليأخذه مشتريه منه؛ لأنه مقتضى العقد الأول، ولم يوف به، وليس للبائع إجازة البيع؛ لأنه بيع الطعام قبل قبضه، فإن غاب المبتاع الثاني وغاب على الطعام قال محمد: يؤخذ الثمن من البائع؛ ليشتري به طعام الغائب ويرد للبائع، فإن كان أقل من كيله كان الباقي ديناً على الغائب، ولا يصدق البائع والمبتاع في العقد الثاني حتى تثبت بينة، وحينئذ يلزم البائع الإتيان بالمثل، ويخير المشتري بين أخذه وإمضاء البيع الأول، وبين فسخ البيع عند أشهب؛ لأن المبيع مقيد، فلا يجبر على أخذ غيره، ويتعين أخذ المثل عند مالك؛ لأن ملك البائع الأول انتقل إلى المبتاع بالتعدي على ملك البائع، وإن ادعى على البائع التلف وجهل، جبره عليه مبلغ الطعام عند ابن القاسم، ولا يصدق. فرع: إذا اشترى جزء صبرة يختلف في بيعه قبل قبضه ورجع مالك إلى الجواز؛ لأن الجزء مشاع مقسوم بتعين الجملة، كما في العبد والدابة، وكذلك يطالب المتعدي على جزء الصبرة بذلك الجزء بخلاف المكيل، فإنما يطالبه المالك بها. فرع: قال: إذا اشترى صبرة غائبة على الصفة يمتنع بيعها حتى يراها، قال محمد: لأنها في ضمان البائع، ويتخرج الخلاف فيها على الخلاف في ضمان بيع الغائب من البائع أو من المشتري. فرع: قال: قال الشافعية: من شرط صحة البيع أن يكيله البائع للمبتاع، واختلفوا إذا اكتال ولم يفرغ؛ لقوله عليه السلام في البخاري: (إذا ابتعت فاكتل، وإذا بعت فكله) ولنهيه عليه السلام عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان. والجواب عن الأول معناه: النهي عن تأخير القبض خشية الغرر، وعن الثاني: أنه ليس في الصحاح ولا المشاهير، وهو متروك الظاهر بالجزاف والموزون، معارض بالقياس على الجزاف والموزون والمعدود. فرع: قال: إذا قبض الطعام وتركه عند زوجة البائع، أو من هو متعلق به، جاز بيعه قبل أخذه منه؛ لأنه وديعة، وقاله مالك في الغريم نفسه. فرع: في الكتاب: تمتنع المواعدة في بيع الطعام قبل قبضه، ولا بيع طعام تنوي أن تقبضه من الطعام الذي اشتريت سدا للذريعة، قال أبو الطاهر: أجرى اللخمي المواعدة في بيع الطعام قبل قبضه على المواعدة في الصرف فيكون فيها ثلاثة أقوال، وليس كما قال، بل هي كالمواعدة على النكاح، والفرق بينهما وبين الصرف: أن المواعدة منعت فيها خشية تعجيل العقد، وتعجيل العقد في الصرف غير ممنوع، فلا يختلف في منع المواعدة في النكاح، والتعريض في الطعام كالتعريض في النكاح في العدة. فرع: قال صاحب البيان: طير الماء الذي لا يستحيى لا يجوز بيعه قبل قبضه إذا أسلم فيه؛ لأنه طعام، وحياته مستعارة عند ابن القاسم، وأجازه أشهب نظراً لحياته، وإن اشتراه معيناً جاز عندهما لدخوله بالعقد في ضمانه كالجزاف. فرع: قال في الكتاب: يجوز بيع الجزاف من الطعام وسائر العروض جزافاً وغيره قبل القبض من البائع وغيره، ويحيله عليه إلا أن يكون ذلك بين أهل العينة فيمتنع بأكثر مما ابتعت؛ لأنهم يتحيلون بذلك على السلف بزيادة. قال ابن يونس: قال مالك: إذ اشترى نصف ثمرة جزافاً أو نصف صبرة جزافا، رجع مالك إلى جواز البيع قبل النقل، وإن استحب النقل للحديث. فرع: قال: يمتنع البيع بقبض وكله فيه عبده أو مدبره أو أم ولده أو امرأته أو من هو كذلك؛ لأن كتوكيله لبيعهم له. فرع: قال: تمتنع المقاصة بين الطعامين من سلم؛ لأنه بيع قبل القبض، وإن كان أحدهما من قرض، واتفقا أجلا وصفة ومقداراً جاز إن حل الأجلأن؛ لأن بيع القرض معروف، ويمتنع قبل الحلول؛ لأنه دين بدين، قال اللخمي: قال ابن القاسم: يمتنع وإن تساوت رءوس الأموال، وجوزه أشهب، وجعله إقالة، فإن اختلفت رءوس الأموال امتنع، إلا أن يكون باطنها على السلم فيصح ويكون قضاء، وكذلك الحوالة على طعام السلم، وأجازها أشهب، وإذا تساوت رءوس الأموال؛ لأنهما لو شاءا عملاها تولية، وإن كان أحدهما من قرض أجازه ابن القاسم إذا خلا، وأشهب إذا حل أحدهما. قال أيضاً سحنون: إذا حل السلم، وجوزه ابن حبيب وإن لم يحلا. قال: وهو أبين؛ لأن الذمم تبرأ من الآن، قال سند: وجوز أشهب المقاصو بين المسلمين إذا اتفقا كيلاً وصفة، وراعى الثمنين في الموارثة إذا اتفق رأس مالهما قدراً وصفة جاز؛ لأنه إبراء، فعلى رأي أشهب يمتنع إذا اختلف جنس الثمنين خشية أن يؤخذ الثمن الثاني عن الطعام، والأظهر الإبراء لبعد ذلك إذا اتحد الجنس واختلف المقدار؛ لأن كثرة الأول سلف بزيادة، وقلته إقالة من رأس السلم بزيادة على أقل منه، فإن كان أحدهما من سلم الآخر من قرض، وكلاهما جنس، ولم يحل أجلهما قال ابن حبيب: يجوز إذا اتفق أجلهما، قاله جميع أصحاب مالك إلا ابن القاسم وأشهب وأبى المنع؛ لأنه بيع الطعام قبل قبضه، وبيع الدين بالدين ومتى كان الأجل قائماً فأمرهما على المكايسة، ولو اختلف الأجل لم تجز المقاصة، فإن حل أجل السلم جازت المقاصة عند أشهب، وفي المجموعة: يجوز أن يحيل ما قد حل فيما لم يحل، كان سلفاً أو بيعاً، فإن كان السلف الذي حل فهو قصاص من سلم، أو السلم فقد أعطاه من قرض فلا كراهة، وقيل: إن حل السلم جاز؛ لأن المسلم تعجيل ما عليه من القرض، ويجبر غريمه على أخذه بخلاف حلول القرض، فإن المسلم لا يملك إسقاط أجل السلم إلا بالتراضي. فرع: قال: إذا أجلت البائع بثمن الطعام فأخذ من المُحال عليه طعاماً امتنع، كان البائع باع بنقد أو بنسيئة. فرع: قال: لو وكلت في قبض الثمن فتعدى الوكيل عليه، جاز أخذك طعاماً منه لضعف التهمة، قاله ابن حبيب، فلو أقرضت الثمن قبل قبضه قال التونسي: يمتنع أن يأخذ المقرض من المشتري به طعاماً؛ لأنه كالدين يحيل به على ثمن طعام، ولو بعت حنطة بذهب إلى أجل، واشتريت من أجنبي تمراً بذلك الذهب، وأحلته به عليه أجازه مالك في الموطأ، قال الباجي: معناه اشتراء التمر على ذمته؛ لأنه أخذ بثمن الحنطة تمراً، قال سند: ولا حاجة إلى هذا التفسير؛ لأنا إنما نمنع من أخذ الطعام في ثمن الطعام خشية النسيئة في الطعام، والمبتاع هاهنا إنما دفع ذهباً، فلو اشتريت عند الأجل من المبتاع بذهب طعاماً يخالف الأول، ولم تشترط أنه من ثمن الأول: منع مالك المقاصة، وقال: يرد الطعام الثاني؛ لأنه عقد النسيئة، وقال ابن القاسم: يؤدي ذهب التمر ويأخذ ذهب قمحه؛ لزوال التهمة بذلك فلو أخذ بالثمن كفيلا فدفعه إليك أو رجل متبرع كان له أخذ طعام من المبتاع من صنفه وغير صنفه أقل أو أكثر، قاله ابن القاسم؛ لأن الكفيل مقرض، وليس له ثمن طعام. فرع: قال: إذا استقرض البائع طعاما ليقضيه للمبتاع، وأمر المقرض بدفعه للمبتاع امتنع بيع المبتاع له من القرض، إلا أن يأخذ فيه رأس ماله لبيعه إياه قبل قبضه، فلو قبضه، وطالب المقرض بالطعام جاز أن يبتاعه منه؛ لأنه قرض وطعام البائع قد قبض. فرع: قال: فلو كان لك عليه طعام من سلم فقال: بعني طعاماً لأقضيك: منعه مالك؛ لأنه بيع له قبل قبضه، قال ابن القاسم: يجوز بمثل رأس المال نقداً دون الأقل والأكثر. فرع: قال المازري: أجرى بعض الأشياخ الخلاف في أخذ الطعام في ثمن الطعام إذا كانت قيمة الثاني أقل بكثير لعدم التهمة. فرع: قال: إذا اشترى طعاماً عشرة بدرهم، فدفع درهماً ناقصاً فأمسك البائع بقدره من الطعام، منعه ابن حبيب؛ لأنه أخذ طعاماً من ثمن الطعام، وبيع الطعام قبل قبضه، ويفاضل بين القبضتين، وتفاضل بين الطعامين، لأن الجملة المبيعة مقابلة بالجملة المأخوذة ثانيا. فرع: في الجواهر: الدين كالعين الحاضرة في جواز البيع بشرط قبض البدل في المجلس، ويشترط في بيعه من غير من هو عليه إقراره بالدين وحضوره هنا للغرر. فرع: في الكتاب: إذا أسلفته قبل القبض فقبضه المستسلف لا تبعه منه قبل قبضك إياه، وإن جاز بيع القرض قبل قبضه؛ لأنه ذريعة للبيع في العقد الأول قبل القبض، قال ابن يونس: قال محمد: في اليسير من الكثير، وكأنه وكيل على قبضه، ولا يجوز بيعه قبل القبض من المقترض ولا من غيره إلا بمثل رأس المال، فيكون كالإقالة أو التولية، وكذلك لو أحلت بطعام من بيع على قرض فلا يبيعه المحال قبل القبض إلا كذلك. فرع: قال ابن يونس: إذا اشترى من التمر كيلا معلوماً دون الثلث، فهل له بيعه قبل قبضه وجذاذه لأنه مبغي على ملكه، أو يمتنع؛ لأنه مبيع مشترى، روايتان عند مالك. فرع: كل ما أسلمت فيه من العروض يجوز بيعه قبل قبضه من غير بائعك بجميع الأثمان إلا بصنفه، ومن بايعك بمثل الثمن فأقل لعدم التهمة وألغاه عبد العزيز بن أبي سلمة، قال ابن يونس: يريد: لا يبيعه بصنفه من غير البائع إذا كان أقل أو أكثر، وزاد في كلام الكتاب قبل الأجل فيكون الأقل سلفاً بزيادة، ولا يتجه الأكثر إلا إلى أجل أبعد، فيكون المسلم يسلم عند الأجل أقل ليأخذ أكثر بعد ذلك، ولم يوجه إلغاء عبد العزيز، والذي يتجه فيه تخصيصه بالنقدين لتوقع صرف مستأخر. فائدة: ذكر في الكتاب: الثياب الفرقبية، قال في التنبيهات: بضم الفاء أولا والقاف أخراً وآخره باء بواحدة كذا سمعناه، وقيل: بالقاف أولاً وآخراً، وهي ثياب بيض من كتان، وقال في كتاب العين: بقافين، وقال الخطابي: بالفاء أولاً، وقال: لعلها نسبة إلى فرقوب وحذفت الواو في النسب. فرع: قال: قال في الكتاب: يجوز بيع زريعة الفجل الأبيض، وزريعة السلق، والكراث، والجوز، والبطيخ الفارسي والأخضر، والقثاء قبل قبضه؛ لأنه ليس بطعام، وإن كان يخرج منه طعام، كالنوى يخرج منه النخل ذات الطعام، وتمنع زريعة الفجل الأحمر، والقرطم لما فيهما من الزيت، وكذلك الفلفل، والقرفاء، والسنبل، والكرفص، والكروية، والشونيز، والكمون الأسود، والملح، والشمار، والكمون الأبيض؛ لأنها طعام، وخالف محمد في الأربعة الأخيرة، وجعلها إداما. قال ابن القاسم: والحلبة طعام خلافاً لابن حبيب، وقال أصبغ: الخضراء طعام، بخلاف اليابسة، فإنها دواء، وقال ابن حبيب: حب الرشاد ليس بطعام، بخلاف الخردل لاستعماله في السمك وغيره، والزعفران ليس بطعام اتفاقاً، قال اللخمي: في المدونة: الفلفل ونحوه طعام وعنه: ليس بطعام، وفي الكتاب: الماء ليس بطعام؛ لأنه ينفق الغذاء ولا يغذي، قال ابن يونس: وعنه يمتنع بيعه إلى أجل، فيكون طعاما، ولأن الحاجة إليه أكثر من الخبز، ولأن الخبز يقوم غيره مقامه بخلافه. فرع: في الكتاب: إذا كاتب بطعام جاز بيعه قبل قبضه من المكاتب خاصة؛ لأن معاملة العبد ليست حقيقة؛ لأنه بيع مالك بمالك، ولا يجوز ذلك في نجم بل في الجميع، لحصول العتق عقيبة، قال ابن يونس: وقيل: يجوز في البعض؛ لأن الكتابة ليست بدين ثابت، ولا يخلص بها عنده المكاتب، ويجوز بيعها، قال اللخمي: وأرى بيعها من المكاتب وغيره إذا كانت قدر الخراج؛ لأنها غلة، وإن كانت أكثر بالشيء الكثير أو من غير الخراج امتنع بيعها. فرع: قال ابن يونس: قال مالك: طعام الكراء والصلح من دم العمد والمخالعة كطعام البيع في الجواز في الجزاف، والمنع في غيره لاندراجه في صيغة الحديث. وكذلك أرزاق القضاة وغيرها؛ لأنه في معنى المعاوضة على العمل، بخلاف مثل أرزاق أزواجه عليه السلام في زمن عمر رضي الله عنهم أجمعين، وبخلاف الهبات والميراث والسلف والصدقة؛ لأن جميع ذلك ليس بيعا، فلا يتناوله الحديث، قال اللخمي: ويجوز للمقترض بيع ما اقترضه قبل قبضه، وكذلك المقرض؛ لأن الدين غير المعاوضة، ولهذا ليس معارضة بل معروف، وإلا كان بيع الطعام نسيئة، ويجوز قرض طعام السلم قبل قبضه، ويمتنع بيع المقرض له قبل قبضه؛ لأنه على حكم السلم ما دام في الذمة. ولو تطوع رجل بقرض ذلك السلم إليه ويقبضه عنه لم يجزه للذي له السلم بيعه قبل قبضه للحديث؛ لأنه مبتاع، وكذلك إذا كانت الهبة والصدقة طعام سلم الأجنبي يمتنع البيع على الموهوب والمتصدق عليه؛ لأنهما منزلان منزلة الأصل، وعن مالك: الجواز؛ لأن يد المشتري قد خرجت، وضابطه: متى كانت يد المسلم باقية على سلمة، وهو القابض امتنع البيع، كان المقبوض منه والمسلم إليه، أو واهباً أو متصدقاً أو مقرضاً؛ لقوله عليه السلام: (من ابتاع طعاما فلا يبعه...) الحديث، وإذا زالت يده وكان القابض موهوبا له أو متصدقا عليه جاز؛ لأنه لم يبع طعاماً، وأخرج الحنفي من بيع الطعام قبل قبضه: المهر والخلع والجعل، وقال ابن حنبل: كل عرض ينفسخ عقده بهلاكه قبل القبض لا يجوز التصرف فيه قبل القبض، كالأجرة والصلح، بخلاف العتق والخلع، ويدل الصلح عن دم العمد، وأرش الجناية، وقيمة المتلف؛ لأن العقد لا ينفسخ بالتلف، فانتفى غرر الأنفساخ بالهلاك، فلا يبنى عليه عقد آخر مع هذا الغرر، ولا تصح حوالة المسلم في السلم، واتفق الجميع على القرض. فرع: في الكتاب: إذا باع الذمي الطعام قبل قبضه أكره للمسلم شراءه، وكذلك لا يحيلك على طعام سلم قبل قبضه، قال سند: سواء قلنا: هم مخاطبون بالفروع أم لا؛ لأن منع بيع الطعام قبل قبضه يمنع شراءه، فيحرم على كل أحد شراء طعام لم يستوفه مبتاعه، فلو باعه الذي من ذمي لم يعرض لهما، كما لم يعرض لهم في عقود الخمر وغيره، إلا أن البائع الأول إن كان مسلما لا يدفع الطعام إلا للذي اشتراه منه، وهاهنا يأتي التخريج على خطابهم بالفروع، فإن قلنا: مخاطبون بالفروع امتنعت معاونتهم على ذلك، وإلا فلا شيء على البائع، ويحكم الحاكم للمبتاع أخيراً بقبض الطعام إذا ثبتت معاملتهم، وكره مالك معاملة الذمة، لما في أيديهم من العقود الفاسدة. فرع: في الكتاب: يمتنع أن يعطيك ما تشتري به بعد الأجل طعامك؛ لأنه بيع الطعام قبل قبضه، إلا أن يعطيك مثله رأس مالك صفة ومقداراً، فيجوز بمعنى الإقالة، قال سند: فإن قيل: قد منع ابن القاسم أن يقول البائع: بعني الطعام الذي لك علي بعشرة، ورأس المال عشرة. حتى يلفظ بلفظ الإقالة، وأجازه هاهنا قبل التلفظ، قلنا: إنما منعه حيث صرح ببيع ما يمتنع بيعه، فوازنه هاهنا: ابتع لي مداً طعاماً وأقبضه من سلمك قبل أن يستوفيه، أما إذا لم يذكر ذلك، فإنما وقعت الوكالة على ما يجوز، فلا يتهمان هاهنا إلا في الإقالة، وهي جائزة، فإن دفع إليه اكثر من رأس ماله على وجه الوكالة والعوض، أو الطعام رد إن لم يفت، وإن قال المأمور: ابتعت به كفاف حقي قال محمد: لا يصدق ويرد الذهب، ويرجع بحقه إلا أن تقوم بينة على القبض باسم صاحبه، ثم يقبضه بعد ذلك ثم يقر؛ لأن المنع للتهمة فإذا دفع إليه أقل: فرق ابن القاسم بين العروض والطعام؛ لأن الإقالة في الطعام إنما تكون بمثل رأس المال، وجوزه أشهب لضعف التهمة، وحمل على الوكالة، قال ابن يونس: يجوز إذا دفع مثل رأس المال أو أقل منه ليشتري لنفسه فزعم أنه فعل، صح. فرع: قال ابن يونس: يجوز أخذ خمسة محمولة في عشرة سمراء بعد الأجل على معنى الإسقاط، ويمتنع على وجه الصلح والتبايع؛ لأنه بيع الطعام قبل قبضه، وكذلك السمراء من الحمولة. تمهيد: قال سند: اختلف العلماء في سبب منع بيع الطعام قبل قبضه فقال أبو الطاهر: هو معلل بالعينة وهي سلف في أكثر منه، فيتوسلون له بذلك، فلما كثر ذلك في الطعام نهي عنه، والمذهب كله على المنع وإن ظهرت السلامة من القصد لذلك، إلا أبا الفرج أمضاه إذا ظهرت السلامة بأن لا يكون المتبايعان من أهل العينة، قال اللخمي: الأحسن أن يكون ذلك تعبداً؛ لأنه لو كان لأجل العينة، لجاز بيعه من بائعه بأقل، ويلزم استواء الطعام والعروض، قال سند: العلة كون الطعام غذاء للإنسان وحافظاً بنيته الشريفة لطاعة الله تعالى، وسبب العون على السعادة في الدنيا والآخرة، فكل ما شرف قدره عظمه الله بكثير شروطه، وهذا هو شأن الشرع في كل ما عظم خطره كالنكاح سبب العفاف واستمرار النسل والمكاثرة بهذه الأمة الشريفة. فاشترط الشرع فيه الولي والصداق وغيرهما تفخيماً لقدره ويشكل عليه بالقرض والهبة والصدقة والميراث وأعطيات الناس من بيت المال، ويمكنه أن يجيب بأن هذه كلها اشتركت في معنى الإحسان والمعروف، فوسع الشرع فيها تسهيلاً لطرق المعروف ليكثر وقوعه، وقال ابن حنبل وجماعة من العلماء: إنما امتنع لاحتمال هلاك الطعام قبل القبض، فينفسخ العقد، فيكون العقد الثاني عقد غرر، وهو ضعيف لأن الأصل: السلامة، وبقاء الطعام وتلفه نادر، فيكون أحسن الأقوال قول سند. نظائر: قال العبدي: يجوز بيع الطعام قبل قبضه في خمس مسائل: الهبة، والميراث على اختلاف، والاستهلاك، والقرض، والصكوك، وهي أعطيات الناس، واختلف في طعام الخلع والمستثنى من الطعام. وهو الشركة وفي الجواهر: أرخص في الشركة والإقالة والتولية تنزيلاً للثاني منزلة المشتري، ويمتنع اقتران العقدين في أجل أو مقدار أو غيرهما، وروي امتناع الشركة قبل القبض، ومنع الأئمة الجميع إلا الإقالة جوزها ابن حنبل وحده؛ لأنها إقالة عنده، ومنه أقال الله عثرتك: أزالها، وحجة الجميع نهيه عليه السلام عن بيع الطعام قبل قبضه، وهذه بياعات. وجوابه: أنه روي في الحديث في أبي داود، وأرخص في الشركة والإقالة والتولية، ولأن الثلاثة معروف فيجوز القرض. فرع: في الكتاب: للمشترك والولي زيادة الكيل ونقصانه، فإن كثر رجع عليك بحصته من الثمن إن نقص، ويرد الزيادة إن زاد. فرع: قال: تولية البعض بحصته من الثمن كالكل، قال ابن يونس: كل ما بيع بعرض يرجع فيه إلى القيمة تمتنع فيه الشركة والتولية لا بالقيمة ولا بالمثل، وتجوز الإقالة فيه مع قيام العرض، فإن فات امتنعت؛ لأنها تصير مبايعة بالقيم، وإن كان يكال أو يوزن فهو كالعين. فرع: قال اللخمي: إذا اشترى طعاماً بثمن إلى أجل: قال مالك في الكتاب: تجوز الشركة فيه قبل القبض، وعلى هذا تجوز التولية، ومنع ابن القاسم التولية حتى يقبضه، ومنع أشهب الإقالة؛ لأنها حل بيع كمن وصله طعام من إجارة أو اشتراه بعرض، لا تصح فيه الإقالة ما لم يثبت العرض، أو يعمل الأجير فيمتنع الجميع، وتمتنع الشركة والتولية لاختلاف الذمم، فقد تكون ذمة الذي اشرك أو ولي دونه، وإذا اشترى طعاماً قريب الغيبة واشترط النقد جازت الشركة والتولية أو بعد الغيبة، واشترط أن لا نقد إلا بعد القبض جازت الشركة والتولية عند مالك: ويمتنعان على القول الآخر لاختلاف الذمم فيشبه الشراء بثمن إلى أجل، ويختلف في الإقالة هل تجوز؟ لأن الذمم تبرا من الآن أو لأنه يأخذ طعاماً غائباً عن دين، فيدخله فسخ دين في دين، وبيع طعام قبل قبضه. فرع: قال صاحب البيان: إذا اشترى قمحاً بدينار فولى نصفه بنصف دينار، ورد نصفه دراهم مكروه لمشابهة البيع بالمكايسة. وهو يخرج على مسألة من وجد له نصف دينار هل يراعي فيه خلو الذمة فيجوز على القول بالجواز، ويمتنع على القول بالمنع؟ وأما بعد كيله الطعام فيجوز؛ لأنه بيع جديد. فرع: قال: قال ابن القاسم: لا تجوز التولية في طعام اشتراه بعينه غائباً بالصفة؛ لاختلاف الذمم إذا المشتري لم ينقد لغيبة الطعام، ويجوز في الغيبة التي يجوز النقد فيها لقربها، لأنه لا يشبه الدين بالدين، وكذلك لو استقال منه دخله الدين بالدين؛ لأنه وضع عن نفسه ثمناً ديناً بسلعة غائبة، قال: وهذا لا يستقيم؛ لأنه لو كان هذا بيع دين بدين لامتنع بيع العروض، وهو يجيره، والإقالة إنما هي فسخ دين في دين لا بيع دين في دين؛ لأن البائع فسخ الثمن في السعلة. فرع: قال: قال ابن القاسم: لا تجوز الزيادة في الإقالة في الطعام قبل الكيل؛ لأنه بيع الطعام قبل قبضه، فإن اكتاله ولم يتفرقا، أو لم يقف عليه المبتاع، وكان الثمن نقداً ولم ينقده امتنعت الزيادة؛ لأنها إن كانت ذهباً إلى أجل، والثمن ذهباً كان بيعاً وسلفاً؛ لأن لبائع اشترى الطعام ببعض الثمن الذي وجب له نقداً، وأسلفه بقيمته إلى أجل، وإن كانت ورقاً نقداً جاز وتمتنع مؤجلة؛ لأنه ذهب بورق إلى أجل، وإن كانت عرضاً مؤجلاً كانت ديناً بدين، ويجوز أن يزيده معجلاً ذهباً أو ورقاً أو عرضاً، وأما إن نقد الثمن واكتال الطعام فيجوز مطلقاً؛ لأنه بيع حادث، وإن كان الثمن مؤجلاً واكتال ولم يفترقا جازت الزيادة ممن كل شيء نقداً إلا من جنس الثمن الذي عليه فيمتنع نقداً، ويجوز إلى مثل الأجل، ووزن الثمن وسيلة، كأنه اشترى ببعض ماله عليه، وبقيت بقية إلى أجله، وإذا كان الثمن ذهباً فلا يزيده ورقا نقداً ولا إلى أجل أبعد من أجله؛ لأنه صرف إلى أجل، وكذلك إذا كان الثمن ورقاً ولا يزيده غير النقدين مؤجلاً؛ لأنه دين بدين، فإن تفرقا أو غاب عليه المبتاع امتنعت الزيادة مطلقاً؛ لأنه زيادة في السلف، وإن كان البائع المستقبل بزيادة ولم ينقد جازت بعد الكيل من سائر الأشياء نقداً، أو إلى أجل كيف كان الثمن نقداً أم لا، إلا ان تكون الزيادة في الطعام طعاماً لتوقع التفاضل، ومن غير الجنس يجوز نقداً، وتمتنع مؤجلاً؛ لدخول النسأ، ولا اختلاف في شيء مما تقدم إلا في موضعين: أحدهما إذا كان المستقيل المبتاع بزيادة، ووزن الثمن حال، فإنه إجازة، يريد: إذا كان أقل من نصف دينار، ويجوز عند أشهب إذا كان أكثر من صرف دينار، وثانيهما قوله: إذا كان البائع هو المستقيل بزيادة طعام من غير صنفه، فإنه إجارة إذا كانت الزيادة نقداً والثمن مؤجلاً، ومنعه ابن حبيب إلا إذا كان الثمن حالاً. فرع: قال: قال ابن القاسم: العهدة في الشركة والتولية في البيع المعين على البائع الأول؛ لأن الثاني نزل منزلته وبعد المفارقة على المشتري، وقال مالك: هي على المشتري مطلقاً إلا أن يشترطها على البائع؛ لأنه بائع ثان ولو بالحضرة فالعهدة على البائع الثاني مطلقاً، وإن اشترطها على البائع الأول جاز عند ابن القاسم إذا باع بمثل ما اشتراها به أو أقل، فإن كان بأكثر فلا يلزم البائع الأول ذلك إلا برضاه؛ لأنه يقول: كانت العهدة لك علي بعشرة فلا أرضى بأكثر، فإن رضي كان حميلا بالزائد في الاستحقاق، وقال ابن حبيب: لا يجوز؛ لأنه ذمة بذمة إلا أن تكون على وجه الحمالة حتى يرجع المشتري الثاني في الاستحقاق بقدر الثمن الأول على من شاء منهما، فتحصل في اشتراطها على البائع الأول في المبيع ثلاثة أقوال: الجواز وإن افترقا وطال، والمنع وإن كان بالحضرة إلا أن يرضى على وجه الحمالة، والفرق بين حضرة البيع وطوله، وفي الشركة والتولية بالحضرة قولان على من تكون، وجواز اشتراطها بعد الافتراق على البائع قولاً واحداً. فرع: قال اللخمي: إذا أشركك على أن تشركه في طعام آخر امتنع لخروجها عن المعروف إلى المكايسة، وكذلك التولية والإقالة، فإن قال: أشركني وأشركك ورأس المال سواء، كان محمل ذلك على بيع أحد الطعامين بالآخر، فيجوز؛ لأن الثمن لا يُخرجه واحد منهما، وإن كان رأس مال أحدهما دنانير والآخر دراهم، أو عيناً والآخر عرضاً: امتنع لذهاب المعروف، ويجوز: أقيلك على أن تقيلني؛ لأنه بيع أحد الطعامين بالآخر، فإن اختلف رأس المال، أو اتفق واختلف الطعامان: امتنع لذهاب المعروف. فرع: قيل: أجرة الكيل بعد الاشتراك والتولية على المشتري الأول كالبيع، وكما أن عليه العهدة، وفي القرض على المقرض، وإن كان الجميع معروفاً؛ لأن هذه تشبه البيع، وقيل: ليس عليه، قياساً على القرض؛ لأن الجميع معروف. فرع: قال: إذا قبض بعض الطعام جاز تولية المقبوض دون الجميع، ومنع ابن القاسم فيما لم يقبض، وأجازه ابن حبيب، وإذا قبض البعض وعسر بالباقي قال محمد: تمتنع الإقالة منه في الطعام وغيره؛ لأنه بيع وسلف وبيع الطعام قبل قبضه، لأن المقبوض انتفع به فكانت الزيادة بمنفعة، فإن رد المقبوض ثم أقاله من الجميع امتنع؛ لأنه بيع الطعام قبل قبضه، لأن المقبوض مال من ماله، فقد ولاه إياه ليقيله، إلا أن يكون المقبوض يسيراً نحو العشرة في المائة. فرع: قال: إن أشركته على أن ينقد عنك امتنع؛ لأنه بيع وسلف ويفسخ، إلا أن يسقط السلف، فإن قال لك قبل العقد: أشركني وانقد عني، أو قال: اشتر وأشركني، ثم قال بعد العقد: انقد عني جاز في الصرف وغيره؛ لأنهما معروفان والبيع، انعقد عليهما معاً، ولو اشترى لنفسه ثم قال: أشركني وانقد عني أو قال: أشركني ثم قال: أنقد عني امتنع في الصرف للنسيئة، وجاز في العروض إذا لم يكن سلماً في الذمة؛ لأنه بيع دين بدين، وإذا كان الطعام حاضراً لم يجز أن يشركه على أن ينقد عنه، فإن أشركه بغير شرط ثم قال: انقد عني ولم يكن الأول نقد جاز، وإن نقد امتنع، وعن ابن القاسم أيضاً: الجواز نقد أم لا؛ لأنه معروف، فإن كان الطعام سلماً لم يجز إشراكه إلا أن ينقد بالحضرة لئلا يكون ديناً بدين، وإن كان الطعام غائباً امتنعت الشركة والتولية، وإن كان معيناً؛ لأنه دين بدين، قال محمد: إلا أن ينقد قبل الافتراق، ومحمل قوله في منع الشركة بشرط النقد في العروض سلماً في الذمة على القول في التولية: أنها لا تجوز إلا في النقد، وتجوز على قول الآخر إذا استوى رأس مال السلم. فرع: في الكتاب: يمتنع أن يقيله من طعام السلم، ويعطيه برأس المال ذهباً وكفيلاً، أو يحيل به، أو يؤخر دينه يوماً أو ساعة؛ لأنه دين بدين، وبيع لطعام قبل قبضه، وإذا أخر دينه حتى طال انفسخت الإقالة وبقي البيع، وإن قبض الثمن من المحال عليه قبل مفارقة المحيل جاز للقرب، ولو وكل البائع من يدفع رأس المال وذهب، أو وكلت أنت وذهبت، فإن وقع القبض قبل التفرق جاز، وإلا فلا، قال ابن يونس: وكذلك كان ينبغي في الحوالة لأجل القرب. وهي عشرة ألفاظ: الأول: في الجواهر: لفظ التولية يقتضي نقل المالك إذا قال: وليتك، وبهذا العقد انتقل الملك إليه بالثمن الذي تقرر، وهو ملك متجرد، والعلة المتجددة الأولى؛ لأنه كان ضامناً، وتتجدد الشفعة بحدثان هذا البيع، ولوحظ على المولي بعض الثمن سقط عن المولى؛ لأنه في الثمن كالبناء، وفي نقل الملك كالابتداء. اللفظ الثاني: الشركة، وفي الجواهر: إذا قال: أشركتك في هذا العقد: حمل على النصف على المنصوص لابن القاسم؛ لأن التساوي هو الأصل. اللفظ الثالث: الأرض، ففي الجواهر: تندرج تحتها الأشجار والبناء دون الزرع الظاهر، كمأبور الثمار، فإن كان كامناً اندرج على أحد الروايتين. وتندرج الحجارة الخلوقة فيها دون المدفونة إلا على القول بأن من ملك ظاهر الأرض ملك ظاهر الأرض ملك باطنها. وقال (ش): لا يندرج في لفظ الأرض البناء الكثير، ولا الغرس، ويندرج في لفظ الدار: الخشب المسمر، والسلم المنتقل، ويندرج المعدن في لفظ الأرض؛ لأنه من أجزائها، بخلاف الكنز والحجارة المدفونة، وقال ابن حنبل: يندرج في الأرض البناء والغرس. وفي الدار الأبواب والخوافي المدفونة، والرفوف المسمرة، وما هو من مصالحها دون الحجر المدفون؛ لأنه كالوديعة، وتندرج الحجارة المخلوقة فيها والمعادن دون الكنوز، قال صاحب البيان: إذا ظهر الزرع فللبائع إلا أن يشترطه المبتاع، ومنع مالك بيع الأرض فيها بزر بأرض ليس كذلك في المدونة، وجوزه سحنون، وجوز أيضاً بيعها وفيها بزر بطعام نقداً أو إلى أجل؛ لأنه لا حصة له من الثمن عنده. اللفظ الرابع: البناء، وفي الجواهر: تندرج فيه الأرض. اللفظ الخامس: البستان، والحديقة، والجنان يستتبع الأشجار، وقاله (ش). اللفظ السادس: لفظ الدار ففي الجواهر: يندرج فيه الثوابت ومرافق البناء كالأبواب والأشجار والرفوف والسلم المثبت دون المنقولات. اللفظ السابع: لفظ العبد وفي الجواهر: لا يتناول ماله، ويتناول ثيابه عليه إذا اشبهت مهنته، فلو اشترط تسليم الأمة عريانة سقط الشرط وعليه مواراتها؛ لأنه شرط محرم. اللفظ الثامن: لفظ الشجر، ففي الجواهر: تندرج تحته الأرض والأغصان والأوراق والعروق، واستحقاق البقاء مغروساً والثمرة غير المؤبرة دون المؤبرة، وكل ثمرة ظهرت للناظر، وقال ابن حنبل: لا تندرج الأرض في الشجر لتباين الاسم، ولا هي تبع في البيع، وبقولنا في الثمار قال الشافعي وابن حنبل، وقال (ح): للبائع مطلقاً إلا إن يشترطها المبتاع؛ لأنها لا يجوز إفرادها بالبيع فلا تتبع أصلها كالمؤبرة. وجوابه: إفراد الشيء بالعقد لا يوجب عدم التبعية، كسقف الدار وعرصتها، ثم لو سلمنا حجة القياس فهو معارض بما في الموطأ قال عليه السلام: (من باع نخلاً قد أُبرت فثمرتها للبائع إلا أن يشترطها المبتاع) ومفهومه يقتضي: إذا لم تؤبر للمبتاع، ولأنه عليه السلام إنما جعلها للبائع بشرط الإبار، فإن انتفى الشرط انتفى المشروط، فالأول مفهوم الصفة، والثاني مفهوم الشرط، وهذا ضعيف من جهة أصحابنا، فإن الحنفية لا يرون المفهوم حجة فلا يستدل عليهم به، بل نقيس الثمرة على الجنين إذا ظهر لن يتبع الأصل، وإلا تبع، أو نقيسها على اللبن قبل الحلاب، واستنتار الثمار في الكمام كاستتار الأجنحة في الأرحام واللبن في الضروع، أو نقيسه على الأغصان والورق، أو نوى التمر، وهذه الأقيسة أقوى من قياسهم بكثير؛ لقوة جوامعها وضعف جوامعهم. فائدة: قال صاحب الإكمال: الإبار: تذكير الأشجار بجعل طلع الذكر في الأنثى، أو يعلق عليها لئلاً يسقط ثمرها، وهو اللقاح أيضاً، تقول: أبرت النخل أبر بضم الباء في المستقبل، مخفف الباء وأبرته، مشدد الباء، وقال ابن حبيب: الإبار: شق الطلع عن الثمر، وقال بعض اللغويين في غير الإكمال: والإبار والتلقيح: شق الثمرة وظهورها؛ لأنه لا يكون إلا عند ذلك، وأجمع العلماء على أن مجرد التلقيح ليس معتبراً، وإنما المعتبر الظهور ويقال: أبرت النخلة أبرها بالتخفيف ابراً وإيبارا، وأبرتها بالتشديد تأبيراً وتأبرت النخلة وأبرت، ويقول ابن حبيب قال الشافعية. فرع: قال صاحب الإكمال: المشهور منع اشتراط البائع ما لم يؤبر، وعلى القول بأن المشتثنى غير مبيع يجوز؛ لأن غير المؤبر كالجنين، قال صاحب البيان: يمتنع عند مالك وجميع أصحابه. فرع: في البيان: الأقل أبداً تبع للأكثر في التأبير وعدمه، شائعاً كان أو غير شائع، فإن تقاربا في التأبير وعدمه، وكل واحدة على حدة استقل كل بحكم نفسه، فإن كان التأبير وعدمه في كل نخلة فأربعة أقوال: يخير البائع بين تسليم الحائط بثمرته، وبين أخذه، وفسخ البيع، قاله ابن القاسم لضرر الشركة، ويفسخ البيع إلا بشرط الثمرة للمبتاع لأنعقاده على فساد المنازعة، فالجميع للمشتري تغليباً لنقل العقد، أو الجميع للبائع تغليباً للاستصحاب لابن حبيب، وفي الجواهر: روي إذا أبر أكثرها أن غير المؤبر للمبتاع نظراً للعقد. فرع: قال الشافعية والحنابلة الثمرة خمسة أضرب: ذو كم كالقطن، وما يقصد نواره كالورد والياسمين فإنه يظهر من أكمامه ثم ينفتح فيظهر فهو حينئذ للبائع. الثاني: ما لا نور له ولا قشر كالتين والتوت والجميز؛ لأن ظهوره من الشجر كظهور الثمرة من الكم، الثالث: ما يظهر في قشره إلى حين أكله كالرمان والموز فللبائع بنفس الظهور؛ لأن قشره من مصلحته، الرابع: ما يظهر في قشرته كالجوز واللوز فللبائع بنفس الظهور؛ لأن قشره لا يزول عنه غالباً، والخامس: ما يظهر نوره ثم ييبس فتظهر الثمرة كالتفاح والمشمش والإجاص والخوخ، فإذا ظهرت الثمرة فللبائع. وهذا تفصيل حسن لم أره لأصحابنا، وما أظنهم يخالفون فيه. فرع: في الجواهر: قال عبد الملك: النخل التي لا تؤبر إذا انصلح طلعه وظهر إغريضه وبلغ مبلغ الإبارة في عهد، فللبائع إلا أن يستثنيه المبتاع. قال: ليس لمشتري الأشجار تكليف البائع قطع الثمار إلا إلى أوان القطاف لقضاء العادة بذلك، ولكل واحد سقي الشجر إذا احتاج إليه إلا أن يتضرر صاحبه بذلك. نظائر: قال العبدي: يتبع الأقل الأكثر في أحد عشر موضعاً: أقل الحائط يتبع أكثره في التأبير وعدمه، وإذا اجتمع الضأن والماعز أخرج من الأكثر، والغنم المأخوذة في زكاة الإبل يخرج من غالب غنم أهل البلد ضأناً أو ماعزاً، ويزكى الزرع يغالب الشيح أو النضج، وإذا أبر بعض المال زكي بحكم الغالب، وزكاة الفطر من غالب العيش والبياض مع السواد في المساقاة الحكم للغالب، وإذا ثبت أكثر الغرس فللغارس الجميع، أو الأقل فلا شيء له، وقيل: له سهمه من الأقل، وإذا أطعم بعض الغرس سقط عنه العمل دون رب المال، وقيل: بينهما، وإذا جذ المساقي أكثر الحائط فليس عليه سقي، وإذا حبس على أولاد صغار أو هب لهم فحاز الأكثر صح الحوز في الجميع، وإذا استحق الأقل أو وجد به عيب ليس له رد ما لم يستحق، بل يرجع بقدره. اللفظ التاسع: المرابحة، قال صاحب التنبيهات: البيوع أربعة: مساومة، ومزايدة، ومرابحة، واسترسال وأحسنها: المساومة، وأسلمها، وهو جائز اتفاقاً، ويمتنع فيه أن تكون السلعة قديمة فيدخلها السوق ليوهم طرواتها، وهو المسمى بالتبريج فيمنعه شيوخنا، والمزايدة: عرضها في السوق لمن يزيد، وكرهه بعض العلماء، ورآه من سوم الإنسان على سوم أخيه. والسلعة لمن وقفت عليه بالزيادة، فإن أعطيا عطاء واحداً اشتركا عند ابن القاسم، وقيل: للأول، ولا يأخذها الثاني إلا بزيادة، فإن أعطيا معاً اشتركا وهذا في بيع، وهذا في بيع الأيتام للدين، وبيع السلطان والوكلاء وكل ما باعه غير مالكه، وأما المالك فله البيع لأحدهما ولغيرهما بالثمن وأقل ما لم يركن إلى أحدهما أو يواطئه، والمرابحة: أصعبها لكثرة وجوه الكذب والغش فيها، وبيع الإسترسال والاستمانة، فهو مع الجاهل بالبيع يقول: أعطوني بدينار كذا فيتقي فيه الغش والخديعة وكتمان العيوب، ويرد بالغبن، قاله ابن حبيب، وقصره على المشتري دون البائع، وغيره يجيزه فيها. فرع: في الكتاب: تجوز المرابحة للعشرة أحد عشر وتوضيعه العشر أحد عشر، ويقيم على أحد عشر فيحط منه جزء في بيع الوضيعة، قال ابن يونس: للعشرة اثنان نحو العشرة اثنا عشر، أي: ينقص السدس أو يزيده، والعشرة عشرة معناه: تضاف عشرة لعشرة فتكون الزيادة، أو النقصان النصف تصحيحاً لكلام العاقل بحسب الإمكان، وإلا فالإخراج عشرة من عشرة من بقاء ثمن محال عقلا. وفي الجواهر: إذا باع بوضيعة العشرة أحد عشر أو أكثر فللمتأخرين قولان: أحدهما: أنه يأخذ عن كل أحد عشر: عشرة، وثانيهما: ما تقدم وبوضيعه العشرة عشرين، يحط نصف الثمن اتفاقاً، قال صاحب تهذيب الطالب: وبوضيعة للمائة أربعون يوضع عنه من كل عشرة السبعان من أربعة عشر؛ لأنا قسمنا المائة على أربعة عشر، وبوضيعة للعشرة أربعون يوضع من كل عشرة ثلاثة أرباعها، ولكل عشرة خمسون يوضع من كل عشرة أربعة أخماسها، وكل مائة خمسون يحط الثلث. تمهيد في التنبيهات: المرابحة خمسة أوجه: أحدها: أن يبين جميع ما لزمها وما يحسب وما لا يحسب مفصلاً أو مجملاً، ويشترط الربح للجميع، فيصح ويكون الربح فيه من جملة الثمن كالمساومة، وثانيها: أن يبين ما يحسب ويربح له، وما لا يحسب ولا يربح عليه، ويوصف الربح على ما يربح عليه خاصة فيجوز، وثالثها: يبهم ذلك كله ويجمعه جميعه ويقول: قامت بكذا، والربح كذا. ففاسد للجهل، ما يحسب ثمناً ومالاً يحسب فهو جهل بالثمن لعدم تعينه، ورابعها: يبهم فيها النفقة مع تسميتها فيقول: قامت علي بمائة شدها وطيها وحملها وصبغها، أو يفسرها فيقول: منها عشرة في مؤنة ولا يفسر المؤنة، ففاسد للجهل بالثمن، قال سحنون: ينفسخ، وفي الموازية: جوازه، ويحقق بعد ذلك ولا يكون هذا أسوأ حالاً من الكاذب في الثمن، وخامسها: يفسر المؤنة فيقول: هي علي بمائة: الثمن كذا، والمؤنة كذا، ويذكر المؤنة مفصلة، وباع للعشرة أحد عشر، ولم يفصلا ما يوضع له الربح، وما يحسب وما لا يحسب، فالجواز للأصحاب، ويقضى الثمن على ما يجب، وإسقاط ما لا يجب إلى الثمن، قال: وفيه نظر؛ لأنهما قد يجهلأن الحكم فيما يسقط ويثبت. فرع: في الكتاب: إذا حمل البز إلى بلد آخر لا يحسب من رأس المال جعل السمسار ولا أجرة الشد والطي ولا كراء البيت، ولا نفقة نفسه ذاهباً وراجعاً، كان المال له، أو قراضا. ويحسب كراء المحمولة والنفقة على الرقيق والحيوان في أصل الثمن، ولا يحسب له ربح إلا أن يرتجونه بعد العلم به، قال ابن يونس: ينبغي لمن باع مرابحه أن يعرف ما يحسب من الثمن وما لا يحسب، وما يحسب له ربح، وما لا يحسب له، قال صاحب النكت: كل صنعة قائمة كالصبغ والخياطة والكماد والطراز والغسل يحسب ويحسب له ربح، وما ليس عيناً قائمة لكن بثمن السلعة في نفسها كنفقة الرقيق والمحمولة يحسب ولا يحسب له ربح وما ليس بعين قائمة ولا بثمن السلعة ذاتا ولا سوقاً لا يحسب له ربح؛ لأنه لم ينتقل للمشتري فلا يقابل بشيء، فإن كان يتولى هو الطراز والصبغ بنفسه لم يحسب ويحسب له الربح؛ لأنه كمن وصف ثمناً على سلعة باجتهاده، وكلامه في الكتاب محمول على الاستئجار، وبهذا التفصيل قال (ح) وجماعة العلماء، وقال (ش): يضم إلى الثمن كل ماله زيادة في العين دون نفقة الرقيق، وقال صاحب التنبيهات: أخذ من قوله لا يحسب أجرة السمسار أن أجرته على المشتري، قال: وهو لا يدل بل ذلك على عرف الناس، أو يكون البائع دفع إليه ليبيع فالأجرة عليه؛ لأنه أجير أو المشتري فالأجرة عليه؛ لأنه وكله على الشراء، قال مالك: ويجوز أن يجعل له على كل مائة يشتري ثلاثة دراهم فعلى هذا تكون محسوبة مضروباً لها الربح؛ لأنها بعض الثمن، وقاله ابن محرز، وقيل: تحسب ولا يضرب لها ربح، قال اللخمي: يريد بنفقة الرقيق ما لم تكن لهم غلة توفي النفقة، فإن قلت عن النفقة حسب الفاضل، ولو كان سعر البلدين سواء لم يحسب الحمل لعدم تأثيره في الثمن، ولو أرخص لسقط الكراء، ولا بيع حتى يبين، ولا يبين القصارة ويبين الخياطة؛ لأن الناس يكرهون الخياطة السوقية، ولأن المبيع بعد التفصيل والخياطة أرخص من الذي يفصل على يده، ولا يبين الصبغ إلا أن يبور عليه فيصبغه، فإن لم يبن فأصل ابن القاسم في مثل هذا: أنه غش لا يلزم للمشتري، وإن حط ذلك، وعلى رأي سحنون: هو كذب إن حطه لزمه، قال المازري: قول بعض الأشياخ: إنما يحسب الحمولة إذا كان البلد الثاني أغلا، وهذا إنما يحسن إذا حمل البائع المتاع عالما بذلك، وإذا انفق على الدور والأرضين والنخل والشجر في سقي وغيره، وساوى الإنفاق الغلة أو زادت جاز البيع مرابحة، ولا يحسب فاضل الإنفاق في راس المال، ولا يحسبه له ربح، وأخذ لبن الماشية لا يمنع البيع مرابحة إذا لم يتغير سوقها ولا بدنها، ولا يتبع في الولادة حتى يلين. تنبيه: مدرك الأصحاب وغيرهم من العلماء فيما يحسب وما لا يحسب، وما له ربح وما لا ربح له إنما هو عرف التجارة، وكذلك صرحوا في تعاليلهم بذلك، ووقع لفظ المرابحة في تصانيفهم في مقتضيات الألفاظ عرفا، ويلزم على هذا أمران، أحدهما: أن البلد إذا لم يكن فيه عرف وباع بهذه العبارات من غير بيان أن يفسد البيع للجهل بالثمن، وبأي شيء هو مقابل من المبيع، وثانيهما: أن العرف إذا كان في بلد على خلاف مقتضى هذه التفاصيل أن تختلف هذه الأحكام بحسب ذلك العرف، فاعلم ذلك. فرع: في الجواهر: تشترط معرفة المبتاع بما اشترى به، أو قامت به عليه، فإن جهله عند العقد بطل. فرع: قال المازي: إذا تقايلا على مثل الثمن جاز البيع مرابحة، فإن تقابلا بأكثر كمن يشتري بخمسة ثم يبيع بتسعة ثم تقابلا، لا يجوز بيعه مرابحة بتسعة لانحلال بيعها بالإقالة على القول بأن الإقالة حل بيع، فإن قلنا: أنها بيع جاز البيع مرابحة، غير أنه يتهم في الإقالة حل بيع، فإن قلنا: إذا بيع جاز البيع مرابحة، غير أنه يتهم في الإقالة لهذا الغرض، قال بعض المتأخرين: إن وقعت الإقالة بعد البيع بأيام ارتفعت التهمة وجاز البيع بثمن الإقالة، فإن تقابلا بأكثر من رأس المال أو أقل منه في ذلك العقد جاز البيع مرابحة بالثمن الذي تقايلا عليه؛ لأنه بيع مستأنف وليس إقالة، ومنعه ابن حبيب؛ لأن النقصان قد يكون أكثر من الثمن الأول يفاضل الربح في عقد الإقالة. فرع: في الكتاب: إذا جعل للحمولة ربح ولم يبين، وحصل الفوت بتغير سوق أو بدن حسب ذلك في الثمن ولم يحسب له ربح، وإن لم يفت رد البيع إلا أن يتراضيا على ما يجوز، قال ابن يونس: قال سحنون: إذا دخل في الثمن ما لا يحسب، أو ما يحسب ولا يحسب له ربح ولم يبين ولم يفت، خير بين إزالة ما لا يحسب وربحه ورد السلعة، فإن فاتت فهي كمسألة الكذب إن لم يضع البائع ذلك كان على المشتري القيمة، إلا أن يكون أكثر من جميع الثمن فلا يزداد أو أقل من الثمن بعد الطرح فلا ينقص، وهو تفسير ما في المدونة قال: وظاهرها خلافة؛ لأن الكذب زيادة ما لم يكن، وهذا زيادة ما أخرجه من ماله. فرع: في الكتاب: إذا رقم على متاع وزنه واشتراه فلا يبعه مرابحة على ما رقم، قال ابن يونس: يريد رقمه بوصفه؛ لأنه خديعة، فإذا علم المشتري خير بين أخذها بجميع الثمن وردها، فإن فاتت بالأقل من القيمة أو الثمن، فإن اشترى جملة ثياب فرقم على كل ثوب ما وضعه وباع منها واحدا مرابحة ولم يبين ولم يفت، خير المشتري بين الرد والتمسك بجميع الثمن، فإن رد فللبائع إلزامه إياه بما يقع عليه من جملة الثمن، وما قابل ذلك من الربح، فإن فات وأبى المشتري التماسك، وأبى البائع أن يضرب بالعقد فعلى المشتري القيمة يوم ابتاعها إلا أن تزيد على الثمن فلا يزداد، وأقل من الثمن وحصته من الربح فلا ينقص. وقال ابن عبدوس: إن لم تفت ليس للبائع إلزامه إياها بما يقع عليها من الثمن؛ لأنه لم يتناوله العقد إلا أن يرضى، ولأن الجملة يزاد فيها، وإن فاتت فعليه القيمة إلا أن يتماسك ببيعه الأول. فرع: في الكتاب: إذا كتب على السلعة أكثر من ثمنها وباعها بكتابتها ولم يقل شيئا، شدد مالك فيه الكراهة خشية الخديعة، قال ابن يونس: قيل معناه: باعها مساومة بأقل مما كتب، أو مرابحة بالثمن الصحيح، فإن كانت قائمة خير بين أخذها بذلك، أو ردها، فإن فاتت فعليه الأقل من القيمة أو الثمن. فرع: في الكتاب: عليه أن يبين العيب دون الغلة؛ لأنها له بالضمان، إلا أن يطول الزمان، أو تحول الأسواق فليبينه؛ لأن الأغراض تختلف فيه، وقاله (ش) في كل ما نشأ عن العين كالولد وغيره لعدم وجوده عند العقد، فإن جز صوفا بينه؛ لأنه إن كان عند البائع تاماً فله جزه من الثمن، أو حدث بعده فقد طال الزمان، فتغير الحيوان، ويبين توالد الغنم وإن باعها بأولادها، وإذا ولدت الأمة لا يبيعها مرابحة، ويمسك الولد، وإن أخر الثمن أو حطه منه شيئا فليبينه. قال اللخمي: إذا حدث الصوف عنده فإنما ينظر إلى انتقال السن، فإن كانت جذعة وصارت ثنية، فلا مقال للمشتري لانتقالها للأفضل، إلا أن يتغير سوق بنقص، فإن كانت رباعية فهرمت فعليه البيان، قال: وأرى إذا كانت الغنم حوامل عند الشراء أو قريبة الوضع وباعها بأولادها: أن لا يبين؛ لأنها زيادة لا ينظرها المشتري، وهو في الأمة أبين لذهاب خوف الوضع، وإن حملت بعد الشراء أو كانت حوامل بعيدة الوضع: لا يبين ذلك أيضا؛ لأن الولد زيادة، وإنما يعتبر طول الزمان، وانتقال الشيء الأدنى، ويبين في الجارية؛ لأنه عيب، ولا يراعى انتقال سنها، وإذا حال السوق بزيادة ولم يطل مكثه لم يبين، وإن عاد السوق عن قرب لم يبين، وإن طال مكثه ولم يتغير سوقه ولا بدنه ولا بار عليه لم يبين، وإن بار بين لكراهة الناس في البائر، وإذا لم يبين نقص السوق والبدن: فغش عند ابن عبدوس، وكذب عند سحنون، قال: والأول أحسن فإذا حطه البائع سقط مقال المشتري، وكل عيب حدث فكتمه فهو كذب، وطول الزمان عشر، والزيادة في الثمن كذب، ورقم أكثر منه مع البيع به غش؛ لأن المشتري يظن نقص السعر، فللمشتري الرد مع القيام، وإن كره البائع، فإن فاتت فالأقل من القيمة، أو الثمن، ويختلف في القيمة متى تكون فعلى القول بأن المحبوسة بالثمن من البائع تكون يوم القبض، وعلى القول أنها من المشتري يوم البيع، إلا أن يكون المشتري لم ير الرقم أو رآه ولم يفهمه، فلا مقال له، وإذا اطلع على عيب فرضيه فباع مرابحة ولم يبينه فهي مسألة عيب، أو بينه ولم يبين رضاه به فمسألة كذب إن كان رضاه كراهة في الخصومة، أو لغيبة البائع، وإن كان رغبة في السلعة فليبين العين خاصة دون الرضا، وإن أخذ سلعة من مديان موسر بدين حال، وهو متمكن من قبضه: فله يبعها بما أخذها في ولا يبين، وإلا بين، فإن لم يبين فمسألة كذب وغش على القولين، وإن حدث العيب عنده ولم يبين فغش. فرع: في الكتاب: إذا اشترى لأجل بين ذلك، وقاله (ش)، فإن باع بالنقد فهو مردود، فإن قبلها المبتاع بالثمن إلى ذلك الأجل منع؛ لأنه سلف ينفع، فإن فاتت فالقيمة يوم القبض معجلة، قال اللخمي: جعله كمن قيل له: لا ترد بالعيب ونؤخرك بالثمن، قال: وأرى أن ينظر، فإن قام ليرد فقال: لا ترد وأن أصبر عليك فسد، وإن رد فقال له: أقبلها وأنا أصبر عليك جاز؛ لأنه بيع مستأنف بثمن إلى أجل، وقال سحنون: يقوم الدين بالنقد، فإن رضي البائع بضرب الربح على القيمة لم يرد لذهاب الضرر، قال ابن يونس: إذا أخبر بالثمن ولم يبين للمبتاع الرد، فإن فاتت فالقيمة كالذي لم يبين تأجيل الثمن، وإن حط عنه ولم يبين، قال سحنون: يلزمه، وإلا خير بين الإمساك والرد، وكذلك إن حطه دون حطيطة من الربح يلزمه البيع، فإن لم يعلم بالحطيطة حتى فاتت وكانت الحطيطة بعد الفوت حط عنه ذلك من غير ربح، وإلا فله القيمة ما لم تجاوز الثمن الأول فلا تزاد، أو تنقض من الثمن بعد طرح الحطيطة بلا ربح، فلا ينقص. تنبيه: قال اللخمي: مدار هذا الباب على سبع مسائل: مسألة كذب، مسألة غش، مسألة عيب، مسألة كذب وغش، مسألة كذب وعيب وغش، مسألة عيب وغش، مسألة كذب وغش وعيب. المسألة الأولى: مسألة كذب بأن يشتريها بخمسة ويقول سبعة، فإن كانت قائمة يخير المشتري بين التمسك بغير شيء أو يرد، إلا أن يحط الكذب وربحه، وقاله (ح)، وقال (ش) في أحد قوليه، وابن حنبل: بل يتعين الرجوع بما زاد، فإن فاتت خير البائع بين حط الكذب وربحه، وبين القيمة يوم القبض ما لم تزد على ما باع به، أو تنقص عن الثمن الخمسة وربحها، قاله مالك، وقال عبد الملك: للمشتري الرد حالة القيام وإن حط الكذب وربحه؛ لأنه يتوقع أن ماله حرام، ويحمل قول مالك على أنه طلب إسقاط الزائد فقط، أما لو قال: أخشى أن ذمته مشغولة، كان ذلك له؛ لأن الناس يكرهون معاملة أهل الحرام، فإن لم ينقد الثمن، أو نقده وعرفت عينه وكان عرضا ولم يفت، كان له الرد كما قال عبد الملك، وإن استهلكه مضى بالثمن الصحيح؛ لأنه إن رد السلعة أخذ ثمنه من حينه إلا أن يكون حديث عهد بالجلوس للبيع، فلا رد له إن حط الكذب وربحه، وروى ابن القاسم عن مالك: يفيت السلعة حوالة الاسواق، والقيمة يوم القبض، وعنه: يفيتها النماء والنقص والقيمة يوم البيع ملاحظة لصورة العقد، والخلاف في وقت القيمة من الخلاف في المحبوسة بالثمن، فعلى القول بأنها من البائع فالقيمة يوم القبض، وعلى القول الآخر: يوم البيع، وعن مالك: يحط الكذب وربحه في الفوت من غير تخيير، والأول أحسن؛ لأن ظلمة لا يلزمه أخذ ما لم يبع به. المسألة الثانية: مسألة الغش بأن يشتري بخمسة ويرقم بسبعة ويبيع على خمسة، فيفهم أنه غلط، فهي خديعة فيخير المشتري بين التمسك بغير شيء، أو الرد وأخذ الثمن، وليس للبائع إلزامه، فإن فاتت بالأقل من الثمن الذي بيعت به، أو القيمة، ولا يضرب على القيمة ربح، وقال ابن عبدوس: يفيتها حوالة الأسواق كالبيع الفاسد، وعلى رواية علي: لا يفيتها إلا العيوب؛ لأنها أقوى من الكذب، وإن أحب الرد ردها وما نقصها العيب. المسألة الثالثة: مسألة العيب، فله الرد، وإن حط عنه أرش العيب؛ لأنه يكره المعيب بخلاف الكذب إذا حط. المسألة الرابعة: مسألة كذب وغش، اشترى بخمسة وقال: سبعة، وطال زمانها في يده وبارت، ورقم عليها عشرة، فإن كانت قائمة، فإن للمشتري الرد، وإن طرح عنه الثمن لأجل الغش، وإن فاتت بنماء أو نقص فقيامه بالغش خير له، فإن كانت القيمة يوم القبض دون الخمسة لم يكن عليه غير القيمة، وإن كانت أكثر اتفق الكذب والغش، ويغرم القيمة من غير ربح ما لم يجاوز الكذب وربحه، وعلى القول أن الكذب يحط كالعيب يبدأ به فيحط ثم يغرم القيمة ما لم يتجاوز الباقي. المسألة الخامسة: العيب والغش، فإن لم تفت فله الرد، فإن فاتت بنماء أو نقص له التمسك، ثم يبدأ بالعيب فيحط قدره من الثمن، ثم يرجع إلى الغش فليس له إلا قيمتها معينة، وتغير سوقها فوت من جهة الغش على قول ابن عبدوس، فله الرد بالعيب حينئذ، وله التمسك، ويدفع القيمة من ناحية الغش، وتقوم على رأي محمد لا عيب فيها؛ لأنها لم تفت من ناحية العيب، وعلى القول الآخر: تقوم معيبة. المسألة السادسة: الكذب والعيب إن علم بالعيب وهي قائمة فله الرد به، وإن حط البائع الكذب، أو فاتت بنماء، أو نقص كان فوتا للكذب والعيب، فعلى القول: إن الكذب يحط كالعيب يبتدأ بإسقاط الكذب وربحه، ثم يحط العيب من الثمن الصحيح، وعلى قول بأنه لا يسقط يبتدأ بإسقاط العيب من جملة الثمن الصحيح والسقيم، فإن فاتت بحوالة الأسواق فاتت على رواية ابن القاسم في الكذب، ولم تفت باعين فله الرد بالعيب، وله أن يمسك ثم يخير البائع بين حط الكذب وربحه، أو يأخذ قيمة سلعته ما لم تكن القيمة أقل من قيمة الصحيح، أو اكثر من السقيم، ويختلف: هل تقوم سالمة لأن المشتري رضي بالعيب؟ قاله محمد، وقال ابن سحنون: معيبة، ولا يعطي المشتري إلا قيمة ما أخذ. المسألة السابعة: كذب وعيب وغش، فإن فاتت لنماء أو نقص: فعلى القول بأن الكذب يسقط حكما كالعيب يبتدأ بإسقاط الكذب وربحه، ثم تقوم السلعة صحيحة ثم معيبة فيسقط ما نقصها العيب، ثم يبقى مقاله في الغش، فله إعطاء القيمة من غير ربح ما لم يتجاوز الباقي. فرع: قال: قال ابن القاسم: إذا كذب في المكيل أو الموزون فعلم المشتري بعد نقله: كان له غرم مثله إلا أن يحط البائع الكذب وربحه. فرع: في المقدمات: إذا اجتمع العيب والكذب فخمسة أحوال: الأولى إذا لم تفت بوجه من الوجوه، الثانية: الفوات بحوالة الأسواق، وقد تقدم حكمها، الثالثة: الفوات بالبيع باعتبار العيب وله المطالبة بالكذب، الرابعة: الفوات بالعيوب فله المطالبة بأيهما شاء فيخير بين ردها وما نقصها العيب، أو يرجع بقيمة العيب وما ينوبه من الربح، وبين الرضا والمطالبة بحكم الكذب، الخامسة: ذهاب عينها أو ما يقوم مقامه فله أخذ قيمة العيب وما ينوبه من الربح، أو يطالب بالكذب فعليه القيمة ما لم تكن أقل أو أكثر على ما تقدم. فرع: قال: فإن اجتمع العيب والغش فخمسة أحوال: الأولى: عدم الفوات مطلقاً، وقد تقدم حكمها، الثانية: فواتها بالبيع فليس له المطالبة إلا بالغش، الثالثة: فواتها بحوالة الأسواق وقلة الرد بالعيب؛ لأن الحوالة لا تفيته، بخلاف البيع، أو يرضى ويطالب بالغش فيدفع القيمة إن كانت أقل من الثمن، الرابعة: فواتها بالعيوب المفسدة فيخير بين أخذها وردها وما نقصها العيب عنده، أو يمسك ويرجع بقيمة العيب وما ينوبه من الربح، أو يرضى بالعيب ويطالب بالغش، الخامسة: فواتها بفوات العتق، أو ما يقوم مقامه فيخير بين المطالبة بحكم العيب فيحط قيمته وما ينوبه من الربح، أو يرضى ويطالب بحكم الغش، ويعطى القيمة إن كانت أقل من الثمن. فرع: قال: إن اجتمع الكذب والغش فحالان: إحداهما: عدم الفوات بوجه من الوجوه، فيخير بين الإمساك والرد، الثانية: فواتها بحوالة سوق أو نماء أو نقصان. فالمطالبة بالغش أفضل له إن كانت القيمة أقل. فرع: قال: إن اجتمع عيب وكذب وغش فخمسة أحوال: الأولى: عدم الفوات مطلقاً، وقد تقدم حكمها، الثانية: فواتها بالبيع فالمطالبة بالغش أفضل له من الكذب، الثالثة: فواتها بحوالة الأسواق فيخير بين الرد بالعيب؛ لأن الحوالة لا تفيته، أو يرضى به ويطالب بحكم الغش فيعطي القيمة إن كانت أقل من الثمن، الرابعة: فواتها بالعيوب المفسدة فيخير بين الرد ورد ما نقصها للعيب عنده، أو يمسك ويرجع بقيمة العيب وربحه، أو يرضى ويطالب بحكم الغش، والمطالبة على ما تقدم أفضل له من الكذب، وإن لم يرد وكان الولد صغيراً على التفرقة خير بين جمعها في ملك أو يرد البيع، الخامسة: فوات عينها أو ما يقوم مقامه فيخير بين الرجوع بقيمة العيب ونائبة من الربح، أو يرضى به ويطالب بحكم الغش؛ لأنه أفضل له من الكذب، فهذه الفروع كلها على مذهب ابن القاسم. فرع: قال صاحب التنبيهات: الغش كتم كل ما لو علمه المبتاع كرهه، كطول بقائها عنده وتغير السوق أو البدن، أو اشتراها نصراني، أو كتم عيباً بها، أو رقم عليها رسوماً ولم يبع عليها، أو نظر فيها، أو أدخلها مع الجلب، أو الميراث، أو بيعها مرابحة وهو لم يشترها بل حملها أو وهبها، والكذب: الزيادة في الثمن، أو كتم ما أسقطه البائع عنه منه أو تجوز في نقده عنه، والفرق بينهما: أن في الكذب للبائع إلزامه بالثمن الصحيح مع قيام السلعة؛ لأنه رضي بأكثر منه فيه أولا. فرع: قال: إذا اشترى سلعتين بثمنين فباعهما مرابحة وأجمل الثمنين أجازه محمد؛ لأن ثمن الجملة أعلا في العادة بخلاف العكس. فرع: في الكتاب: إذا ابتاع بفضة فأعطى ذهباً أو طعاماً أو عرضاً أو عكس ذلك، فليبينه ويجعل الربح على المعقود عليه أو المنقود، ويقع الربح على الثياب لا على قيمتها؛ لأن القيمة مجهولة، ومنع أشهب المرابحة في عرض؛ لأنه بيع ما ليس عندك إلى غير أجل السلم، ومن باع شيئاً ونقد خلافه ولم يبين، رد إلا أن يرضاه المبتاع، وإن فات بتغير سوق أو بدن أو غيرهما: فالربح على المنقود دون المعقود عليه على الجزء الذي أربحه، وله التمسك بما عقد به البيع إن كان خيراً له؛ لأن كليهما ترتب على العقد، قال اللخمي: إن باع على ما تقدم ولم يبين أجازه مالك لعدم الغش، ومنعه ابن حبيب؛ لتعلق الغرض بالمعاوضة في الثمن، فإن نقد طعاماً فليبع على ما نقد كالدراهم والدنانير، وقال محمد: الطعام كالسلع، لا يبيع إلا على ما نقد، قال: والصواب في جميع هذه الأسئلة إذا جاء المشتري مستفتياً أن يوكل إلى أمانته، فما علم أنه أخذ رغبة مع تمكنه من الثمن جاز له البيع على ما عقد ولا بين؛ لأن المشتري مؤتمن على الثمن، وإن لم يكن ذلك رغبة من البائع بل قصد المشتري بذلك الحطيطة لم يبع حتى يبين، وإن لم يكن المشتري مستفتياً بل ظهر عليه وادعى الرغبة من البائع، صدق، وإن كان الثمن الأول عرضاً؛ لأنه لا يقبل الحطيطة، وإن كان أحد النقدين، وليس عادة البلد طلب الحطيطة صدق أيضاً، وإلا لم يصدق، وإن اشترى بفضة ونقد ذهباً ولم يتغير الصرف، أو تغير برخص جاز البيع على ما نقد ولم يبين أو يغيره بغلاء لم يبع على واحد منهما حتى يبين، فإن باع بما عقد حطه من الثمن حصة ذلك النقد، وإن نقد عرضاً وباع على ما عقد وعلم أن فيه هضيمة كان كالنقد، ويحط من الثمن الأول قدر ما استظهر به من ثمن الثاني إلا أن يعلم أن فيه غبناً فلا يحط إلا المسامحة، قال صاحب النكت: إنما جوز ابن القاسم المرابحة على العرض ولم يجعله من بيع ما ليس عندك؛ لأنهما لم يدخلا عليه، وعن ابن القاسم: جواز البيع على ما نقد وإن لم يبين، بخلاف بيعه على ما عقد ولم يبين ما نقد؛ لأن الغالب الوضع فيما نقده، وسوى ابن حبيب في الجواز، وظاهر المدونة مجمل، والذي تقدم أصوب، وفي الكتاب: إذا اشترى بطعام ونقد العين، وإنما يصح إذا كان الطعام جزافاً وإلا فهو بيع الطعام قبل قبضه. قال صاحب التنبيهات: في كتاب محمد: يجوز البيع على ما نقد، ولم يبين في الدنانير والمكيل والعروض وغيرها، وعليه تأول فضل المدونة. فرع: في الكتاب: إذا وهب الثمن بعد النقد والافتراق جاز البيع مرابحة؛ لأن ذلك ليس إسقاطاً، وقاله (ش) وابن حنبل، وقال (ح): لابد أن يبين؛ لأنه موهم عدم المعاينة في أصل العقد فيكون أكثر بغبن فيه. فرع: قال: إذا وهبها ثم ورثها لا يبيعها مرابحة؛ لأنه ملك ثان بغير عوض، فإن ورث نصفها ثم اشترى نصفها فلا يبع نصفها مرابحة حتى يبين؛ لأنه إذا لم يبين التبس المبيع بالموروث، وإذا بين تعين المبيع، قال صاحب النكت: فإن لم يبين وفات مضى في نصف النصف المشتري: البيع، والنصف الثاني مما ورث فيه الأقل من قيمتها أو ما يقع له من الثمن والربح، وللمشتري رد الجميع، وإذا ابتاع رجلان عروضاً ثم اقتسماها فباع أحدهما ما وقع له، ولم يبين فيما باع نصفه فهو ملكه القديم فيمضي بنصف الثمن، وما يقابله من الربح، ونصف الآخر إنما أخذه عرضاً عن نصفه الذي صار لصاحبه، فكأنه اشترى عرضاً بعرض، فيرجع إلى من عقد على عين، ونقد عرضاً فباع ولم يبين، فينظر ما هو خير للمشتري على ما تقدم، قال ابن يونس: اشترط في الكتاب: الشراء بعد الميراث فاحتج به ابن القابسي على التفرقة بين التقديم والتأخير، وسوى بينهما أبو بكر بن عبد الرحمن لحصول الكذب في ثمن نصف الميراث، ولو قال: أبيعك النصف الذي اشتريت ولم يبين تقدمه ولا تأخره اتجه قول ابن القابسي، ويلزمه إذا اشترى النصف أن يبين؛ لأنه زاد في النصف الأخير. فرع: قال اللخمي: يختلف إذا أخذ عرضاً عن دين هل يبيع مرابحة ولا يبين قياساً على ما إذا أخذ شقصاً عن دين حال؟ فقيل: يشفع بالدين، فعلى هذا ليس عليه أن يبين، وقيل: بقيمة الدين، فعلى هذا عليه البيان. فرع: قال: إذا اشترى بعين فقال: اشتريت بعرض، وبنى على قيمته، وهي مثل الثمن فأقل: فلا مقال للمشتري، أو أكثر فمسألة كذب، فإن باع على أن يأخذ المثل فللمشتري الرد إلا أن يرضى البائع على أن يكون الربح على ما اشترى به، فإذا رضي نظر إلى قيمة العرض، فإن كانت مثل الثمن فأكثر لزم المشتري؛ لأنه رده إلى مثل ما اشترى به فهو أخف من العرض ونقله، وإذا كانت قيمة العرض أقل لم يلزمه الرضا بالثمن إلا أن يحط عنه الزائد، وإن اشترى بعرض، فقال: اشتريت بعين والعين مثل قيمة العرض فأقل لزم المشتري أو أكثر، عاد الجواب إلى ما تقدم، وكذلك إذا اشتريا عدلاً فاقتسماه بالتراضي ثم باع أحدهما نصيبه على ما اشترى به؛ لأنه نصف ما صار إليه عوضه لصاحبه، فللمشتري رد الجميع، إلا أن يكون نصف ما اشترى مثل نصف العين، فإن فات مضى بنصف الثمن، وضرب له الربح في النصف الآخر على قيمة ما نقد إلا أن يكون الذي باع به أقل، وقال ابن حبيب: إذا تقاوما فله بيع النصف على الثمن الأول، والنصف الآخر بما دفع فيه لشريكه، فإن كان أكثر من الثمن ودفعه لدفع ضرر الشركة لم يبع حتى يبين، وإن كان لارتفاع السوق لم يبين. فرع: قال: إذا اشتراها ثلاثة فتقاوموها فوقفت لاثنين، فاستوضع الثالث البائع دينارا، فلهما رد السلعة عليه، إلا أن يعطيهما نصيبهما من الدينار. فرع: في الكتاب: لك بيع جزء من المكيل أو الموزون مرابحة إن كان متماثلاً، وقاله الأئمة، قال ابن يونس: يريد: وإن لم يبين، وكذلك بيع ما بقي منه، بخلاف ما لا يكال ولا يوزن لا يباع نصفه ولا بقيته حتى يبين، وقاله ابن حنبل، وجوزه (ش) بناء على قيمة قياسا على الأخذ بالشفعة بالقيمة إذا باع ما فيه الشفعة ولا شفعة فيه، وجوابه: أن الشفعة لدفع الضرر فاغتفر فيها ذلك، ولا ضرورة للبيع مرابحة، فإن لم يبين فللمشتري الرد، فإن فات فالأقل من الثمن أو القيمة. فرع: في الكتاب: لا تبع أحد ثوبين اشترتهما بأعيانهما ماربحة، ولا تولية بحصته من غير تسميته، وإن استويا؛ لأن ثمن الجملة يخالف ثمن جزئها، فإن كانا من سلم جاز قبل القبض وبعده إذا اتفقت الصفقة، ولم يتجاوز عنه فيها، إذ لو استحق احدهما لرجعت بمثله، والمعين يرجع بحصته من الثمن، قال ابن يونس: قال ابن عبدوس: فإن لم يبين فللمبتاع الرد؛ لأن الجملة يرغب فيها، فإن فاتت فالقيمة يوم القبض ما لم ترد على الثمن الأول، ومنع سحنون في السلم وغيره؛ لتقارب الثمن في الثوبين، وأجازه ابن نافع في السلم وغيره. فرع: في الكتاب: يجوز جزء شائع مرابحة من عروض ابتعتها معينة، وكذلك الرقيق؛ لأنه بثمن معلوم، بخلاف رأس بما يقع عليه من الثمن. فرع: في الكتاب: إذا ابتاع نصف عبد بعشرة، وابتاع غيره نصفه بخمسة، ثم باعا مرابحة فلكل واحد ما نقل، والربح بقدره؛ لأن الربح يبتع الثمن. فإن باعا بينهما نصفا أو بوضيعة فالوضيعة بقدر رأس المال، قال ابن يونس: الربح بينهما نصفان نظرا لأصل الملك، قال اللخمي: واختلافهما في الثمن أحسن إذا علم المشتري اختلاف الثمن، وإن لم يعلم تفاوتهما. قال: وأرى إن كان شراؤهما في زمن واحد والسوق على الثمن الأول باعا من غير بيان أو على الثمن الأكثر بينا، وإن كانا في سوقين متفاوتين رخص عن قرب لم يبينا، وإن باعا بوضيعة مساومة يقتسما الثمن نصفين، وإن سميا ثلاثمائة ووضعا مائة فضل الثمن على رءوس الأموال. الأول، باعا من غير بيان، أو على الثمن الأكثر بينا، وإن كانا في سوقين متفاوتين رخص عن قرب لم يبينا، وإن باعا بوضيعة مساومة يقتسما الثمن نصفين، وإن سميا ثلاثمائة ووضعا مائة فضل الثمن على رءوس الأموال. فرع: في الكتاب: إذا بعت مرابحة ثم اشتريت بأقل أو أكثر فلا تبع مرابحة إلا على الثمن الأخير؛ لأنه ملك حادث، وإن قلت: بعت على الثمن الأول؛ لأن البيع لم يتم، قال صاحب النكت: إنما لم يجعل الإقالة بيعا في المرابحة إذا تقابلا بالحضرة قبل انعقاد الثمن والافتراق، أما إذا نقد وافترقا بيع حينئذ، قال اللخمي: إذا استقال بأقل أو أكثر جاز البيع على الثاني، وقال ابن حبيب: لا يبيع إلا على الأول استقال منه أو اشتراه بأقل أو أكثر، قال: والأول أظهر، إلا أن تكون عادتهم إظهار بيع حادث ليتوسلوا إلى البيع بأكثر من الأول، وإنما منع ذلك إن عادت إليه بأقل، بناء على أنه بقي منه ربح على الأول مثل أن يشتري بخمسة فيبيع بسبعة ثم يشتري بعشرة. فرع: في الكتاب: إذا كنت استحطط بائعك خيرا المشتري منك في أخذها بجميع الثمن وردها إن كانت الحطيطة للبيع، وإلا فلا، إلا أن يحط عنه الحطيطة، وكذلك التولية، وأما الاشتراك فيخير على الحطيطة لملاقاة الحطيطة لهما، قال ابن يونس: إن فاتت المرابحة ولم يحط عن المشتري فعليه قيمتها يوم العقد، وإن زادت على الثمن بوضيعة، ولا شيء له من الوضيعة، وإن كانت أنقص رددت عليه ما نقص إلا أن يكون أكثر من الوضيعة فلا يزاد على الوضيعة، قال اللخمي: قال عبد الملك: يحط الحطيطة عن المشتري مرابحة وإن كره المشتري الأول. فرع: في الكتاب: إذا ثبت أن الثمن أكثر مما أخبر به خير المشتري بين ردها والتزام الربح على ما يثبت، فإن فاتت بنماء أو نقص خير المشتري بين القيمة يوم العقد إلا أن تكون أقل مما قاله فلا ينقص منه أو أكثر فلا يزاد عليه، قال ابن يونس: يصدق البائع مع يمينه إذا كان من الرقم ما يقتضي الزيادة، وفي الجلاب: إن تراضيا على شيء جاز، وإلا فسخ البيع، قال صاحب المنتقى: إذا لم تفت فإنهما بالخيار؛ لأن الضرر داخل عليهما، قال سحنون: يخير المشتري بين الرد والحبس بجميع الثمن؛ لأن العقد له، فإن رد خير البائع بين الرد وبين حط الزائد وربحه، والفرق بينه وبين العيب إذا حط البائع قيمته: أن السلعة تبقى معيبة وهو لا يرضى بالعيب. فرع: قال ابن يونس: إذا غلط فأعطاه غير ثوبه فقطعه، له رده ولا شيء عليه في القطع، بخلاف ما إذا قطعه ثم اطلع على كذب في الثمن، فالقطع فوت، والفرق: أن ثوب الكذب لو هلك قبل القبض وثبت ذلك ببينة ضمنه مبتاعه، ولو هلك ثوب الغلط فمن بائعه، ولأنه لم تجر فيه مبايعة، بل البائع مسلط والمرابحة بينهما حوالة الأسواق، فأولى القطع. نظائر: قال العبدي: أربع مسائل يرجع الإنسان فيها في عين ماله حالة قيامه دون فواته إذا أعطاه غير المبيع غلطاً، ومن أثاب من صدقة ظناً منه أنه يلزمه، والأخذ من طعام الحرب ثم يرده، والمشتري لرجل جارية ثم يقول: قامت عليَّ بدون ما قامت عليه به، ثم يظهر له الغلط، واختلف في المرابحة إذا ظهر أن الثمن أكثر. فرع: في (الكتاب): إذا أتهم البائع في الثمن لم يبع مرابحة حتى يبين. فرع: قال: إذا بتعت من عبدك أو مكاتبك بغير محاباة فالبيع مرابحة، وإن لم يبين؛ لأن العبد يملك، وكذلك في شرائهما منك؛ لأن لهما وطء ملك اليمين، وقال (ح) وابن حنبل: إذا اشترى ممن لا تقبل شهادته له لا يبع حتى يبين للتهمة في الحطيطة، وخالفهما (ش). فرع: إذا لبست الثوب أو ركبت الدابة فلتبين ذلك، بخلاف وطء الأمة؛ لأنه لا ينقصها إلا أن تكون بكراً وهي ممن ينقصها الوطء، قال غيره: ولا يبين خفيف الركوب أو اللباس الذي لا يغير، قال ابن يونس: قال ابن عبدوس: إذا نقصها الافتضاض ولم يبين، فإن لم تفت وحط ما ينوب الافتضاض وربحه: فلا حجة له، وتفيتها حوالة الأسواق لشبهها بالبيع، فإذا فاتت فأعطاه البائع ما نقصه الافتضاض وربحه، وإلا فله استرجاع الثمن، ويعطى قيمتها مفتضة يوم القبض ما لم ترد على الثمن الأول فلا يزاد، أو تنقص عما بعد الطرح فلا ينقص. فرع: في (الكتاب): إذا زوجها لا يبع مرابحة ولا مساومة حتى يبين؛ لأنه عيب، فإن لم يبن خير المبتاع بين قبولها لجميع الثمن أو ردها، ولا يلزمه قبولها بحطيطة العيب، ولا تفت هذه حوالة الأسواق بذلك، ولا نقص خفيف ولا زيادة؛ لأن العيب لا يفوت بذلك، فإن فاتت بعتق أو كتابة فحط البائع حصة البيع وربحه فلا حجة له، قال ابن يونس: فإن أبى فله القيمة ما لم تنقص من الثمن بعد إلغاء قيمة العيب وربحه، أو تزيد على الثمن، وقيل: يجتمع فيها الكذب والتدليس بالعيب؛ لأنه لو ذكر العيب كانت مسألة كذب، فإن سكت كانت كذباً وتدليساً، وقال ابن عبدوس: مسألة عيب فقط؛ لأن الكذب هو العيب، فإذا أخذه بالكذب والعيب غرمه قيمة العيب مرتين، قال ابن يونس: وأرى أنه كذب وعيب لكن يخير بين الأخذ بأيها شاء عند الفوت أي ذلك أنفع له إذا اختلفت القيمة، وإن تساوت أخذه بالعيب؛ لأنه الأصل في الكذب. اللفظ العاشر: الثمار في رءوس النخل والنظر في مقتضى الإطلاق والمستثنى من ذلك في العرية ووضع الجوائح، فهذه ثلاثة أنظار:
|